قلنا: قوله تعالى {وَأَنْصِتُوا} خطاب لجميع الحاضرين، فلو قرأ اثنان وأنصت ألف؛ دخل الاثنان في النهي؛ لأن قوله تعالى:{وَأَنْصِتُوا} متوجه إليهما.
ثم يلزم على هذا إذا قرأ جماعة بالإدارة في سورة واحدة، وواحد منصت يستمع: أن ترتفع الكراهة.
فالصواب أن يرد أحد جوابيه إلى الآخر، فيمنع في الموضعين، ووجه المنع قوله تعالى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} .
فإن قيل: إن هذه الآية إنما نزلت في الصلاة بإحماع العلماء:
قال ابن مسعود:" كنا يسلم بعضنا على بعض في الصلاة، فنزلت ".
وقال بشير بن جابر:" صلى ابن مسعود، فسمع ناسا يقرؤون مع الإمام، فقال لهم: أما آن لكم أن تفقهوا {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} ؟ ".
قلنا: من أصلنا أن الخطاب إذا نزل على سبب، وكان مستقلا بنفسه؛ وجب حمله على العموم، ولا يقصر على سببه.
فإن قيل: قد قال مالك في " مختصر ما ليس في المختصر ": " من سمع رجلا يقرأ؛ فليس عليه أن يستمع له ".