عثمان قُتِلَ مظلومًا باتفاق المسلمين، وقتلته في عسكر علي، وهم غالبون لهم شوكة، فإذا امتنعنا ظلمونا واعتدوا علينا، وعلي لا يمكنه دفعهم كما لم يمكنه الدفع عن عثمان، وإنما علينا أن نبايع خليفة يقدر على أن يُنصفنا ويبذل لنا الإنصاف.
ومذهب أهل السنة والجماعة في الاختلاف الذي حصل والفتنة التي وقعت من جرائها الحروب بين الصحابة، يتلخص في أمرين:
الأمر الأول: أنهم يمسكون عن الكلام فيما حصل بين الصحابة، ويكفون عن البحث فيه؛ لأن طريق السلامة هو السكوت عن مثل هذا، ويقولون:{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}[الحشر: ١٠] .
الأمر الثاني: الإجابة عن الآثار المروية في مساويهم، وذلك من وجوه:
الوجه الأول: أن هذه الآثار منها ما هو كذب قد افتراه أعداؤهم ليشوهوا سمعتهم.
الوجه الثاني: أن هذه الآثار منها ما قد زيد ونقص فيه، وغُيِّرَ عن وجهه الصحيح، ودخله الكذب، فهو محرف لا يلتفت إليه.
الوجه الثالث: أن ما صح من هذه الآثار - وهو القليل - هم فيه معذورون؛ لأنهم إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون، فهو من موارد الاجتهاد الذي إن أصاب المجتهد فيه فله أجران، وإن أخطأ