للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - وذهب ابن عطية إلى أن فى القرآن ألفاظا أعجمية استعملها العرب بالمخالطة مع غيرهم، وشاع استعمالها حتى صار كسائر الألفاظ عند العربى، فأصبحت بعد تعريبها عربية.

وهذا الذى ذهب إليه ابن عطية يجمع بين الرأيين السابقين، وهو الذى يترجح لدىّ، وتميل إليه نفسى.

يقول ابن عطية: «والذى أقوله: إن القاعدة والعقيدة هى أن القرآن نزل بلسان عربى مبين، فليس فيه لفظة تخرج عن كلام العرب فلا تفهمها إلّا من لسان آخر، فأما هذه الألفاظ وما جرى مجراها فإنه قد كان للعرب العاربة التى نزل القرآن بلسانها بعض مخالطة لسائر الألسنة، بتجارات، وبرحلتى قريش، وبسفر مسافر بن: أبى عمرو بن أمية بن عبد شمس «١»، إلى الشام، وسفر عمر ابن الخطاب «٢»، وكسفر عمرو بن العاص «٣»، وعمارة بن الوليد «٤»، إلى


(١) مسافر بن أبى عمرو (واسمه ذكوان) ابن أمية بن عبد شمس: شاعر، من سادات بنى أمية وأجوادهم فى الجاهلية، وفد على النعمان بن المنذر فأكرمه وجعله فى خاصة ندمائه- توفى نحو ١٠ ق هـ (الأعلام ٨/ ١٠٤).
(٢) عمر بن الخطاب بن نفيل القرشى العدوى، أبو حفص، ثانى الخلفاء الراشدين، وأول من لقّب بأمير المؤمنين، احترف التجارة فى الجاهلية، وكان يختلف فيها إلى الشام، ثم دعى إلى الشام بعد فتحها، ولكنه رجع قبل دخولها بسبب الطاعون- ت ٢٣ هـ (تاريخ الإسلام السياسى ١/ ٢٠٨ وما بعدها).
(٣) عمرو بن العاص بن وائل السهمى القرشى، أبو عبد الله، فاتح مصر، وأحد عظماء العرب ودهاتهم، أوفدته قريش فى الجاهلية مع عبد الله بن أبى ربيعة وعمارة إلى النجاشى فى طلب المهاجرين إلى الحبشة، ثم كان أحد رجال الفتح الإسلامى للشام- ت ٤٣ هـ (السيرة النبوية لابن هشام ١/ ٣٥٦).
(٤) عمارة بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، حين عرفت قريش أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإسلامه لهم. مشوا إليه بعمارة ليأخذه عوضا ويدفع إليهم محمدا ليقتلوه فأبى، وهو أحد الذي أرسلتهم قريش إلى النجاشى فى طلب المهاجرين إلى الحبشة، وكان من أمره أنه أصيب بعقله وهلك. (انظر سيرة ابن هشام ١/ ٢٨٥، ٣٥٧، والإصابة ٣/ ١٧٠).

<<  <   >  >>