للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النار سبعة، وهب أن فى اللّغة واوا تصحب الثمانية فتختص بها، فأين ذكر العدد فى أبواب الجنة حتى ينتهى إلى الثامن فتصحبه الواو، وربما عدوّا من ذلك: وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ «١»، وهو الثامن من قوله: التَّائِبُونَ وهذا أيضا مردود، بأن الواو إنما اقترنت بهذه الصفة لتربط بينها وبين الأولى التى هى: الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ لما بينهما من التناسب والربط، ألا ترى اقترانهما فى جميع مصادرهما ومواردهما، كقوله: وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ «٢»، وكقوله: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ «٣»، وربما عدد بعضهم من ذلك الواو فى قوله: ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً «٤»، لأنه وجدها مع الثامن، وهذا غلط فاحش، فإن هذه واو التقسيم، ولو ذهبت تحذفها فتقول: ثيبات أبكارا، لم يسند الكلام، فقد وضح أن الواو فى جميع هذه المواضع المعدودة واردة لغير ما زعمه هؤلاء، والله الموفق» «٥».

[مناقشة الرأى السادس]

ويجاب عن الرأى السادس- الذى يرى أن المراد بالأحرف السبعة القراءات السبع- بأن القرآن غير القراءات، فالقرآن هو الوحى المنزل على نبينا محمد صلّى الله عليه وسلم للبيان والإعجاز المنقول إلينا تواترا، والقراءات: جمع قراءة، وهى فى اللّغة مصدر سماعى لفعل «قرأ»، وهى وجه من وجوه كيفية النطق بألفاظ الوحى، «فالقرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان، القرآن هو الوحى المنزّل على الرسول صلّى الله عليه وسلم الذى دفع به التحدى وكان الإعجاز، والقراءات هى اختلاف ألفاظ الوحى المذكور فى كتابة الحروف أو كيفيتها من تخفيف وتثقيل وغيرها» «٦».


(١) التوبة: ١١٢.
(٢) آل عمران: ١٠٤ و ١١٤.
(٣) لقمان: ١٧.
(٤) التحريم: ٥.
(٥) الكشاف ٢/ ٥٥٧ - التعليق (١).
(٦) البرهان ١/ ٣١٨.

<<  <   >  >>