ويجاب عن الرأى الثانى الذى يرى أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن، على معنى أنه فى جملته لا يخرج فى كلماته عنها فهو يشتمل فى مجموعه عليها- بأن لغات العرب أكثر من سبع، وبأن عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم كلاهما قرشى من لغة واحدة، وقبيلة واحدة، وقد اختلفت قراءتهما، ومحال أن ينكر عليه عمر لغته، فدلّ ذلك على أن المراد بالأحرف السبعة غير ما يقصدونه، ولا يكون هذا إلّا باختلاف الألفاظ فى معنى واحد، وهو ما نرجّحه.
وكان عمر شديدا فى الأمر بالمعروف إذ يقول:«فلببته بردائه» أى جمع عليه ثيابه عند لبته لئلا ينفلت منه، وإنما ساغ له ذلك لرسوخ قدمه فى الإسلام وسابقته بخلاف هشام، فإنه كان قريب العهد بالإسلام، فهو من مسلمة الفتح، فكان النبى صلّى الله عليه وسلم أقرأه على ما نزل أخيرا، فنشأ اختلافهما من ذلك، ومبادرة عمر بالإنكار محمولة على أنه لم يكن سمع
حديث:«أنزل القرآن على سبعة أحرف»
إلا فى هذه الواقعة.
قال ابن جرير الطبرى بعد أن ساق الأدلة مبطلا هذا الرأى:«بل الأحرف السبعة التى نزل بها القرآن هن لغات سبع فى حرف واحد، وكلمة واحدة، باختلاف الألفاظ واتفاق المعانى، كقول القائل: هلم، وأقبل، وتعال، وإلىّ، وقصدى، ونحوى، وقربى، ونحو ذلك، مما تختلف فيه الألفاظ بضروب من المنطق وتتفق فيه المعانى، وإن اختلفت بالبيان به الألسن، كالذى روينا آنفا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وعمن روينا عنه ذلك من الصحابة، أن ذلك بمنزلة قولك: