للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصاحة، وسلمت لغاتها من الدخيل، ويسّرها الله لذلك ليظهر آية نبيه بعجزها عن معارضة ما أنزل عليه، وسبب سلامتها أنها فى وسط جزيرة العرب فى الحجاز ونجد وتهامة، فلم تطرقها الأمم، فأما اليمن وهى جنوبى الجزيرة فأفسدت كلام عربه خلطه الحبشة والهنود، على أن أبا عبيد القاسم بن سلام، وأبا العباس المبرد، قد ذكرا أن عرب اليمن من القبائل التى نزل القرآن بلسانها ..

وأما ما والى العراق من جزيرة العرب، وهى بلاد ربيعة، وشرقى الجزيرة فأفسدت لغتها مخالطة الفرس والنبط ونصارى الحيرة، وغير ذلك.

وأما الذى يلى الشام، وهو شمالى الجزيرة، وهى بلاد آل جفنة، وابن الرافلة، وغيرهم، فأفسدها مخالطة الروم، وكثير من بنى إسرائيل.

وأما غربى الجزيرة فهى جبال تسكن بعضها هذيل وغيرهم، وأكثرها غير معمور، فبقيت القبائل المذكورة سليمة اللّغات، لم تكدر صفو كلامها أمة من العجم .. فمعنى

قول النبى صلّى الله عليه وسلّم: «أنزل القرآن على سبعة أحرف»

أى فيه عبارات سبع قبائل بلغة جملتها نزل القرآن، فيعبر عن المعنى فيه مرة بعبارة قريش، ومرة بعبارة هذيل، ومرة بغير ذلك بحسب الأفصح والأوجز فى اللّفظة .. فأباح الله تعالى لنبيه الحروف السبعة، وعارضه بها جبريل فى عرضاته على الوجه الذى فيه الإعجاز وجودة الوصف «١».

[ما تدل عليه النصوص بعامة وما جاء عن لغة قريش بخاصة]

وأيا كان الاختلاف فى معرفة اللّغات السبع بعينها باعتبارها الأحرف السبعة التى نزل بها القرآن، فإن دراسة النصوص الواردة فى ذلك، وفيما يناقضها فى الظاهر من نزول القرآن بلغة قريش تدل على أربعة أمور:


(١) مقدمة تفسير المحرر الوجيز ١/ ٢٧ وما بعدها.

<<  <   >  >>