للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن عطية: معنى

قول النبى صلّى الله عليه وسلّم: «أنزل القرآن على سبعة أحرف»:

أى فيه عبارة سبع قبائل بلغة جملتها نزل القرآن، فيعبر عن المعنى فيه مرة بعبارة قريش، ومرة بعبارة هذيل، ومرة بغير ذلك بحسب الأفصح والأوجز فى اللّفظ، ألا ترى أن «فطر» معناه عند غير قريش ابتدأ. فجاءت فى القرآن فلم تتجه لابن عباس، حتى اختصم إليه أعرابيان فى بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، قال ابن عباس: ففهمت حينئذ موضع قوله تعالى: فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ «١»، وقال أيضا: ما كنت أدرى معنى قوله تعالى:

رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ «٢» حتى سمعت بنت ذى يزن تقول لزوجها: تعال أفاتحك، أى أحاكمك، وكذلك قال عمر بن الخطاب، وكان لا يفهم معنى قوله تعالى: أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ «٣»: أى على تنقص لهم، وكذلك

اتفق لقطبة بن مالك، إذ سمع النبى صلّى الله عليه وسلّم يقرأ فى الصلاة: وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ «٤» ذكره مسلم فى باب القراءة فى صلاة الفجر

، إلى غير ذلك من الأمثلة» «٥».

ووردت روايات محتملة للرأيين السابقين: الأول والثانى لما فيها من إجمال.

فعن علىّ بن أبى طالب «٦»

، وابن عباس «٧»، رضى الله عنهما قالا: نزل القرآن بلغة كل حى من أحياء العرب.


(١) فاطر: ١
(٢) الأعراف: ٨٩
(٣) النحل: ٤٧
(٤) سورة ق: ١٠
(٥)
الجامع لأحكام القرآن ١/ ٤٤ - ٤٥، والفقرة الأخيرة تشير الى ما رواه مسلم عن قطبة ابن مالك قال: صليت وصلّى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقرأ: ق، وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، حتى قرأ:
وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ
، قال: فجعلت أرددها ولا أدرى ما قال، والباسقات: الطوال، والباسق:
الذاهب طولا من جهة الارتفاع، ولم يكن هذا فى لغة قبيلة قطبة بن مالك.
(٦) على بن أبى طالب بن عبد المطلب القرشى الهاشمى ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولد قبل البعثة بعشر سنين على الصحيح، وتربى فى حجر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وشهد معه المشاهد إلا غزوة تبوك، وهو أحد رجال الشورى الذين نص عليهم عمر، ورابع الخلفاء الراشدين، قتل غيلة فى رمضان سنة أربعين من الهجرة (الإصابة ٢/ ٥٠١).
(٧) عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولد قبل الهجرة بثلاث، وقيل بخمس، استجاب الله دعوة رسوله فيه:
«اللهم فقهه فى الدين وعلّمه التأويل»
، مات بالطائف سنة ثمان وستين (الإصابة ٢/ ٣٢٢).

<<  <   >  >>