للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«فى قراءة ابن مسعود: «إن كانت إلّا زقية واحدة»، وفى قراءتنا:

صَيْحَةً واحِدَةً «١» فالمعنى فيهما واحد، وعلى هذا سائر اللّغات «٢».

ويؤيد هذا الرأى أحاديث كثيرة منها:

١ - قرأ رجل عند عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فغيّر عليه، فقال: لقد قرأت على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فلم يغيّر علىّ، قال: فاختصما عند النبى صلّى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ قال: «بلى»، قال: فوقع فى صدر عمر شىء، فعرف النبى صلّى الله عليه وسلم ذلك فى وجهه، قال: فضرب صدره وقال: «أبعد شيطانا» - قالها ثلاثا- ثم قال: «يا عمر، إن القرآن كله صواب، ما لم تجعل رحمة عذابا، أو عذابا رحمة» «٣».

ووجه الدلالة: أن هذا الاختصام فى القراءة، وما يتبعه من الرجوع إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وبقاء شىء فى صدر عمر بعد تصويب رسول الله صلّى الله عليه وسلم لا يكون إلا عن اختلاف اللّفظ فى القراءة.

٢ - وعن بسر بن سعيد «٤»: «أن أبا جهيم الأنصارى «٥»، أخبره أن رجلين اختلفا فى آية من القرآن، فقال هذا: تلقيتها من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقال الآخر: تلقيتها من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فسألا رسول الله صلّى الله عليه وسلم عنها، فقال رسول الله


(١) يس: ٢٩.
(٢) انظر: المرشد الوجيز ص ٩١، وغريب الحديث ٣/ ١٥٩ - ١٦٠.
(٣) نقله الهيثمى فى مجمع الزوائد ٧/ ١٥٠ - ١٥١ وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات، وأخرجه الطبرى. انظر ١/ ٢٦ فى مقدمة تفسيره.
(٤) بسر بن سعيد المدنى العابد، تابعى ثقة، ذكره ابن حيان فى الثقات- ت ١٠٠ هـ (تهذيب التهذيب ١/ ٤٣٧ - ٤٣٨)، ويذكر فى بعض الكتب: بشر بن سعيد- بالشين المعجمة.
(٥) أبو جهيم بن الحارث بن الصمة، قيل: اسمه عبد الله، وقيل غير ذلك، صحابى روى عن النبى صلّى الله عليه وسلم (تهذيب التهذيب ١٢/ ٦١، والإصابة ٤/ ٣٦).

<<  <   >  >>