للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبو بكر الصدّيق رضى الله عنه أمر بكتابته، جمعا بعد ما كان مفرقا فى الرقاع ليكون أصلا للمسلمين، يرجعون إليه ويعتمدون عليه، وأمر عثمان بنسخه فى المصاحف، وجمع القوم عليه، وأمر بتحريق ما سواه قطعا لمادة الخلاف، فكان ما يخالف الخط المتفق عليه فى حكم المنسوخ والمرفوع كسائر ما نسخ ورفع منه باتفاق الصحابة، والمكتوب بين اللّوحين هو المحفوظ من الله عزّ وجلّ للعباد، وهو الإمام للأمة، فليس لأحد أن يعدو فى اللّفظ إلى ما هو خارج من رسم الكتابة والسواد» «١».

وقد نقل أبو شامة عن القاسم بن ثابت العوفى «٢» ما يؤيد ذلك فقال: «إن الله تبارك وتعالى بعث نبيه صلّى الله عليه وسلم والعرب متناءون فى المحال والمقامات، متباينون فى كثير من الألفاظ واللّغات، ولكل عمارة لغة دلت بها ألسنتهم، وفحوى قد جرت عليها عادتهم، وفيهم الكبير العاس والأعرابى القح، ومن لو رام نفى عادته وحمل لسانه على غير ذرّيته تكلّف منه حملا ثقيلا، وعالج منه عبئا شديدا، ثم لم يكسر غربه ولم يملك استمراره إلا بعد التمرين الشديد، والمساجلة الطويلة، فأسقط عنهم تبارك وتعالى هذه المحنة، وأباح لهم القراءة على لغاتهم، وحمل حروفه على عاداتهم، وكان الرسول صلّى الله عليه وسلم يقرئهم بما يفقهون، ويخاطبهم بالذى يستعملون بما طوّقه الله من ذلك، وشرح به صدره وفتق به لسانه وفضله على جميع خلقه».

ثم ذكر حديث نزول القرآن على سبعة أحرف من عدة طرق بروايات مختلفة، وقال:


(١) شرح السنّة، وانظر المرشد الوجيز ص ١٤٤ - ١٤٥.
(٢) القاسم بن ثابت بن حزم بن عبد الرحمن بن مطرف بن سليمان العوفى السرقسطى، أبو محمد، عالم بالحديث واللّغة والفقه- ت ٣٠٢ هـ (بغية الوعاة ص ٣٧٦).

<<  <   >  >>