أثار الذهول لدى الجميع، وخرج العاشق العجوز ليرى ماذا جرى، وإذا به يفاجأ بالفاجعة، ويرى حبيبته وقد أصبحت جثة هامدة.
أقبل رجال الشرطة وحضر النائب العام والمحقق وبدأ التحقيق العدلي.
وأول تدبير قضائي كان توقيف العاشق العجوز مرافق الراقصة عند الحادث، وقد أسند إليه أنه وإن لم يكن القاتل بالذات فهو المحرض حسب نصوص القانون الجزائي يناله عقابه الأصلي؛ أي: الإعدام. وقد تشبث المستنطق بنظرية التحريض التي ألصقها "بالريس" مستندًا إلى أدلة اعتبرها كافية للاتهام، أهمها أن بعض الشهود رأوا العاشق قبل الحادث بساعة يتكلم مع أحد معارفه في المقهى بصوت غير مسموع، إذن فلا بد أن يكون العاشق قد دبر قضية اغتيال الراقصة في هذا الحديث الذي جرى بصوت منخفض. وقد ورد في التحقيقات أن المتهم كان يتناقض في أقواله كثيرًا ولا يعطي أجوبة شافية مقنعة على أسئلة المحقق. ومع ذلك كانت الأدلة ضعيفة لا يرتاح إليها الوجدان لإرسال المتهم إلى المشنقة. واختلف القضاة في الرأي؛ فمنهم من مال للبراءة، ومنهم من اعتبر أن الدليل كافٍ للاتهام ولمحكمة الجنايات أن تدين أو تبرئ..
وبالنتيجة أحيلت القضية أمام محكمة الجنايات. وهنا اتخذت المرافعات شكلًا عنيفًا؛ إذ إن ذوي الراقصة -وهم من أصحاب النفوذ- أثاروا الرأي العام للانتقام من الفاعل. واهتمت عائلة المتهم الثرية اهتمامًا بالغًا بمصير عميدها؛ لأنها تعرف تمامًا أنه ليس بالرجل الشرير وإن كان سلوكه الاجتماعي غير مرضٍ. ثم كيف يُقْدِمُ رجل مثله على قتل من أحب، وبذل في سبيلها جني عمره؟!