للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحضرها لي، الهدف منها هو التشهير بآخرين أخذوا منه عمليات استيراد كان المفروض أن يقوم بها هو.. يعني: هو خسر في عملية، فأراد مني أن أشنع بالذين كسبوها. طبعًا فرحت جدًّا؛ لأن المستندات التي قدمها لي، لم يكن من الممكن الحصول عليها بسهولة. ولم أكن أستطيع أن أقوم بإثارة قضية ضخمة كهذه إلا إذا كان تحت يدي مستندات تثبت ذلك، خاصة وأنني بسبيل تحديد أشخاص بعينهم، وضع علي عبد الصمد أمامي كل هذه المستندات، وبدأت أستعد لنشر الفصل الأول.

وفي نفس الوقت، أثار مقالي الأول العديدين، من بينهم هيئة الضباط الأحرار، لم أكن أعرف أي شخص منهم، لم أكن أعرف عبد الناصر أو غيره؛ لكنني أعرف عددًا كبيرًا من الضباط كأفراد، أعرف مصطفى لطفي، وعبد المنعم أمين، وغيرهما، بدأ الضباط يتصلوا بي، قالوا لي: إن لديهم عمليات مهمة جدًّا، وسوف نحضر لك تفاصيلها ومستنداتها، الذي عرفته أن القائم بعملية جمع هذه المستندات هو المرحوم صلاح سالم -أحد قادة ثورة يوليو فيما بعد- لأنه كان يعمل مع الفريق حيدر في وزارة الحربية، وكان يستطيع من موقعه أن يحصل على هذه المستندات، وبالفعل جاءوني بتفاصيل عديدة لعمليات أخرى مدعومة بالوثائق، ثم جرى اجتماع بيني وبينهم في منزل صديق عزيز لي اسمه حافظ صدقي، وشفت منهم شخصيات عديدة، لا أذكرهم بالتحديد، ولا أدري هل رأيت منهم جمال عبد الناصر أو لا، لم تكن تهمني الأسماء؛ إنما كانوا بالنسبة لي شبان ثوريين، يجمعنا هدف واحد، تكلمنا طويلًا حول الموضوع، وترتيب الأوراق، ثم بدأت الحملة١.

- وكان للحملة رد فعل عنيف على الحكومة المصرية وفي الرأي العام المصري، وبعد ثلاثة أعداد من النشر في المجلة ... تولت النيابة التحقيق في القضية.. وأصدرت أمرًا بمنع نشر أي تفاصيل عن الأسلحة الفاسدة. وإلى هنا تعتبر الحملة.. من الناحية الصحفية.. حملة ناجحة.. فهي قد أثارت الرأي العام وجعلته يتحمس للقضية؛ بحيث استطاع أن يشكل قوة ضاغطة ساعدت على تحويل القضية إلى سلطات التحقيق.

وقد تولى محمود عزمي النائب العام في ذلك الوقت الإشراف على سير التحقيق.. وفي البداية كان جريئًا إلى أقصى حد.. واشتهر بالنزاهة والأمانة


١ المستقبل - باريس ٢٩ يونيو سنة ١٩٨١ "مذكرات إحسان عبد القدوس".

<<  <   >  >>