للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الرأي الذي سمعته من المغفور له حسنين باشا، سمعت مثله هذا الأسبوع من بعض ذوي الرأي!! فقد قيل لي: إن الحملة على حيدر باشا قد تؤجل استقالته إذا كان هناك أمل ان يستقيل، وقد تؤجل التحقيق معه إذا كان هناك أمل في أن يحقق معه أحد.. لا لشيء إلا لمجرد العناد!

عناد من؟!

وإذا جاز لبريطانيا أن تعاند المصريين، فكيف يجوز للمصريين أن يعاند بعضهم بعضًا على حساب المصلحة العامة، وفي مثل هذه المسائل الحساسة المتعلقة بكيان الجيش وسلامته ومستقبله، والتي لا تحتمل الزمن؛ لأن الزمن يزيدها تعقيدًا على تعقيد، وخطرًا على خطر؟!

ومَن الذي يعاند؟

هل هو حيدر باشا الذي يرفض أن يستقسل، ويرفض أن يتقدم إلى مجلس تحقيق، أم هي الحكومة التي تأبى أن تطلب من وزير الحربية التحقيق مع القائد العام للقوات المسلحة؟

وهل هذا هو الموقف الذي كان ينتظره حيدر باشا من نفسه، والذي كان ينتظره منه الناس، وهو يرى نتيجة أخطائه بعينيه، دون أن يتقدم لتحمل مسئولية هذه الأخطاء، ودون أن يتنحى حتى لا يتكرر الخطأ على يديه مرة ثانية؟!

إني أريد أن أحتفظ لحيدر باشا بجميع الصفات الحميدة، أريد أن أقول عنه: إنه شجاع ونزيه، وشهم، وكريم، وطيب، وقد لا يدري معاليه مدى الألم الذي أعانيه عندما أضطر للخضوع أمام المنطق، فأدع القلم ينزع عنه إحدى هذه الصفات أو بعضها!!

ولكن الصفات الحميدة -للأسف- ليست مجرد كلام يقال، ولا مجرد حروف تكتب؛ ولكنها دائمًا صفات لأعمال، فليقل لي معاليه أي عمل يمكن أن أنسبه إليه من بين مواقفه الأخيرة يستحق عليه لقب شجاع، أو لقب غيور على مصالح وطنه وجيشه؟!

<<  <   >  >>