إنه اتهام خطير؛ لأنه ليس للوزير أن يتدخل في وضع خطة حربية فنية، يجازف فيها بأرواح الجيش وسمعته وكرامته، خصوصًا إذا كان هذا الوزير هو حيدر باشا!
إنه اتهام خطير لم أكن لأجرؤ على توجيهه، إن لم يكن تحت يدي دليل.. وما تحت يدي دليل يقوم على واقعة واحدة تشهد على جميع الوقائع..
فقد حدث أن وضع حيدر باشا خطة للاستيلاء على بعض المستعمرات، وحمل مدير مكتبه هذه الخطة إلى رئيس أركان حرب الجيش في يوم ٢٢ يونيو ٤٨، ولا تزال صورة من هذه الخطة محفوظة في إدارة العمليات الحربية، وأصلها محفوظ في مكتب الوزير.
وقد وضعت هذه الخطة تحت عنوان "مقترحات عن عمليات حربية مقبلة"، وجاء فيها بالنص:
أ- توفير قوة ضاربة من القوات المحتلة أسدود، وتعطى لقائد مستقل؛ لمهاجمة والاستيلاء على مستعمرات: بيرتوفيا، بيت دراس، كفار وينج.
ب- توفير قوة مماثلة من القوات المحتلة المجدل؛ لمهاجمة والاستيلاء على مستعمرات: امخبا، جوليس، خان الواديات، القضبة..
هذه هي إحدى الخطط التي وضعها حيدر باشا.. كيف أباح معاليه لنفسه أن يضع خطة حربية فنية، وأي تجارب اعتمد عليها ليغتصب لنفسه هذا الحق، وأي ثقافة حربية يتمتع بها معاليه ليجرؤ حتى على أن يشير أو يقترح في عمليات تحركات الجنود..
لقد تخرج معاليه في الكلية الحربية -وأنا أنقل التاريخ من الذاكرة عام ١٩٠٥- وعمل بالجيش عامًا واحدًا أمضاه في سلاح الخيالة للتدريب على ركوب الخيل، ثم نقل إلى سواري بوليس مصر، وظل ضابط بوليس