حتى نال رتبة الأميرالاي، ثم نقل وكيلًا لمصلحة السجون، ثم مديرًا لها فوكيل وزارة لها ثم وزيرًا للحربية..
فأي تجربة في هذا العمل الطويل تبيح لحيدر باشا التدخل في وضع خطة حربية؟
هل كان معاليه يعتقد أن انتصار جيش على الأعداء لا يستلزم من الذكاء والعلم أكثر مما يستلزم انتصار البوليس على إحدى مظاهرات عام ١٩١٩؟!
وهل كان معاليه يعتقد أن قيادة جيش لا تستلزم من الهمة والدراية أكثر مما تستلزمه قيادة مساجين مصلحة السجون؟!
إني أضبط قلمي بصعوبة؛ حتى لا يجن معي، ويخرج عما يليق في مخاطبة القواد العظام أمثال حيدر باشا!!
وقد ردت العمليات الحربية على هذه الخطة التي وضعها حيدر باشا ردًّا فنيًّا لو تأمله حيدر باشا لاعتبره إهانة.. فقد جاء في رد العمليات بالنص:
"إن المجدل يجب أن تكون مُؤَمَّنَةً تأمينًا خاصًّا، حتى إذا ما اضطرت قواتنا الموجودة في أسدود إلى الانسحاب -لا قدر الله- بسبب ما، فإنها تنحسب إلى هذه القاعدة، وإلا فيتسبب عن انسحاب القوات من أسدود انهيار جميع الخطوط حتى الحدود المصرية".
ومعنى هذا أن إدارة العمليات تقول لحيدر باشا باللغة المؤدبة الراقية: إنه لا يفقه شيئًا!!
ولا أدري هل طبقت الخطة التي وضعها حيدر باشا رغم أنف إدارة العمليات الحربية أم لا؟ ولكن الذي أعلمه -ويعلمه الجميع- أن الانسحاب الذي قالت فيه إدارة العمليات:"لا قدر الله" قد قدره الله فعلًا..
فانسحب الجيش من أسدود ودير سنيد والمجدل، دون أي هجوم جدي من اليهود؛ وإنما لمجرد أن العدو قطع خطوط مواصلات الجيش المصري في نقطتين بين المجدل والفالوجا، وبين المجدل وغزة، ولم تحاول القيادة أي محاولة لاسترداد هذه المواقع التي قطعت فيها خطوط المواصلات، كما