للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تم الانسحاب رغم أن أسدود والمجدل كانتا تستطيعان أن تقاوما، على الأقل كما قاومت الفالوجا..

وقد تم هذا الانسحاب بأمر القاهرة، وبعد أن تضاربت أوامرها مدة طويلة، وذلك على الرغم من أن أركان حرب المواوي بك القائد العام رفض الانسحاب، وإن كان قد اضطر له بعد أن وصل أمر القاهرة إلى الثلاثة الكبار الذين كانوا يديرون العمليات في فلسطين في ذلك اليوم؛ وهم: اللواء شعراوي وموسى لطفي ومدير العمليات، وكانوا قد وصلوا فلسطين في ١٩ أكتوبر في رحلة تفتيشية..

ولم يصدق اليهود أن الجيش المصري قد انسحب من هذه المواقع، وكذبوا عملاءهم العرب الذين أبلغوهم هذا الانسحاب!! فلم يدخلوا دير سنيد إلا بعد ٤٨ ساعة من إخلائها، وبعد أن أخذوا العرب الذين أبلغوهم الخبر رهائن..

وكان من نتيجة هذا الانسحاب أن مجلس الأمن رفض قرار العودة إلى خط ١٤ أكتوبر الذي يمتد حتى أسدود؛ لأننا تركنا هذه الأرض تفضلًا ودون قتال..

ولا أريد أن أستمر طويلًا في تفاصيل الخطط الحربية؛ لأنها تفاصيل معقدة بالنسبة لي -ولست في عبقرية حيدر باشا- ولو أني أعتمد في سردها على وثائق ومعلومات واقعية..

ولكني أعود فأتساءل: من وضع الخطة العامة التي اتبعت في فلسطين؟

لا شك أن القائد العام للحملة لم يكن له دخل ولا نصيب في وضع هذه الخطة، وقد جاء على لسانه في محضر رسمي بأقواله، وهو المحضر الذي أشرت إليه في العدد الماضي، والذي سجل في يوم ١١ نوفمبر عام ١٩٤٨ "سعت ٧٠٠" النص التالي: "إن الجيش المصري كان عليه واجب القيام بفصل المستعمرات الشمالية عن الجنوبية في صحراء النقب، مما اضطره إلى احتلال الخط الممتد من أسدود إلى بيت لحم بقوات لم تكن في وقت من الأوقات كافية بالمرة للدفاع عنه، يضاف إلى ذلك بعد هذا الخط عن القاعدة.. السبب الذي من أجله طالت خطوط التموين؛ فاستحالت مراقبتها وحمايتها".

<<  <   >  >>