للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخطأ الأكبر:

وحيدر باشا هو الذي يدفعني إلى كتابة هذا المقال الرابع، وهو الذي يدفعني لأزيد في تعداد التصرفات الخطيرة التي وقعت في أثناء حملة فلسطين، على أن ينسب له دائمًا فضل تقديم هذا البلاغ إلى النيابة لا إلى وزير الحربية..

وكنت أعتقد أن المقال السابق سيكون هو المقال الأخير، فإني عندما كنت أكتب عن صفقات الأسلحة، لم أكد أصل إلى المقال الثالث حتى تحمس حيدر باشا وقدم بلاغًا إلى النيابة للتحقيق فيما نشرته روزاليوسف، أصر سعادته على أن ينسب دائمًا فضل تقديم هذا البلاغ إلى النيابة لا إلى وزير الحربية.

ولكن يظهر أن ما أطالب به هذه المرة أخطر مما طالبت به عندما كتبت عن صفات الأسلحة، فإن ثلاث مقالات لم تكفِ لتقديم بلاغ للنيابة "إحقاقًا للحق، وإزهاقًا للباطل".. وأصبح عليَّ أن أكتب مقالًا رابعًا..

أين انتهيت في المقال السابق؟

لقد وصلت بنا الحوادث إلى يوم قيام اليهود بهجومهم الكبير الذي انسحب فيه الجيش المصري من أسدود والمجدل، وترك الفالوجا محاصرة، ثم ما أعقب ذلك من سحب اللواء المواوي بك من القيادة العامة للحملة، ووضع اللواء أحمد فؤاد صادق باشا مكانه..

والمواوي وفؤاد صادق.. كل منهم ينتمي إلى مدرسة عسكرية مختلفة، فالأول يؤمن بالمدرسة التي تحتم طاعة الأمر دون مناقشة، فكان يطيع حتى لو لم يقتنع بالأمر الذي يطيعه، والثاني يؤمن بالمدرسة التي تبيح مناقشة الأوامر العليا، فكان يناقش إلى أن يقتنع أو يعتزل.. ولكن هل تغير الأمر بتغيير القيادة وبتغيير المدرسة التي يتبعها القائد الجديد؟

هل استطاع فؤاد صادق أن يمنع حيدر باشا من التدخل في وضع الخطط، أو هل كف حيدر باشا من تلقاء نفسه عن التدخل؟ وهل أقنعته الحوادث الجسام بأن تجاربه في البوليس، وفي مصلحة السجون، لا تؤهله لوضع خطة حربية، يسير بها أرواح جنود وضباط، وتتعلق بها كرامة أمة وجيش؟!

<<  <   >  >>