للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن حيدر باشا لم يستطع أن يكف عن التدخل، وكأن العام الذي قضاه وزيرًا للحربية من نوفمبر ٤٧ إلى نوفمبر ٤٨، وتعود خلاله على ممارسة القيادة قد جعله مدمن قيادات.

وكان أهم ما يقلق معاليه في تلك الأيام هو أمر الفالوجا التي تركها معلقة بين السماء والأرض، محاطة بالأعداء من جميع الجهات، وربما كان معاليه يشعر بمسئوليته عن هذا اللواء الكامل الذي تركه محاصرًا، وربما كان شعوره هذا هو الذي يدفعه إلى التفكير ليل نهار في إنقاذ هذا اللواء بأي وسيلة وبأي شكل؛ بل إني أعلم أن معاليه لم يكن ينام أيامها، وكان كثيرًا ما ينام جالسًا في مكتبه وبالوزارة ورأسه فوق ذراعيه..

ولكن هل لجأ معاليه إلى القائد العام ليضع له خطة إنقاذ الفالوجا، أو هل لجأ إلى هيئة العمليات المشتركة؟

لا -ولا تتعجبوا- فقد لجأ معاليه إلى جلوب باشا الإنجليزي قائد الجيش العربي التابع لشرق الأردن!!

أرسل حيدر باشا الأميرالاي سعد الدين صبور بك مندوبًا عنه؛ ليفاوض جلوب في وضع خطة لإنقاذ الفالوجا.

ورحب جلوب باشا بالتعاون مع حيدر باشا، وأسرع ووضع الخطة، وكانت تقضي بأن تدمر قوات الفالوجا جميع أسلحتها الثقيلة، وتنسف جميع ذخائرها، ثم تنسحب بأسلحتها الخفيفة الخاصة بالدفاع الشخصي إلى بيت لحم، مخترقة طرقًا تقع كلها تحت سيطرة اليهود.. والحكمة في نسف وتدمير الأسلحة الثقيلة هي أنها تعوق الانسحاب!

وقد تفضل جلوب باشا فوضع تحت تصرف الجيش المصري لتنفيذ هذه الخطة ضابطًا خبيرًا في الطرق اسمه "لوكهيد" وشاويشًا إنجليزيًّا خبيرًا في تدمير ونسف الأسلحة.

وعاد صبور بك بهذه الخطة إلى حيدر باشا، ومعها خطاب من جلوب باشا يرجو الثقة به، ويستشهد على إخلاصه لمصر وللجيش المصري بعزام باشا!!

<<  <   >  >>