إذا أردتم الانسحاب، فيجب أن يقوم جلوب والجيش العراقي بهجوم على بيت جيرين واحتلالها قبل أن تتحرك قوات الفالوجا، إما لتسير إلى بيت لحم، أو لتشترك مع القوات العربية في القتال الدائر.
وحمل الأميرالاي سعد الدين صبور هذه الخطة إلى جلوب باشا، وفي يوم ٥ يناير ٤٩ أرسل برقية إلى رئاسة هيئة أركان الجيش يبلغها برفض العراق وشرق الأردن معاونة مصر بإرسال قوة هجوم تساعد قوات الفالوجا على الخروج..
كما قال في هذه البرقية: إن جلوب والملك عبد الله يضغطان على وزارة شرق الأردن لعمل صلح مباشرة مع اليهود.
وأكثر من ذلك..
لقد ثبت أن اليهود كانوا على علم بالخطة التي وضعها جلوب قبل أن يعلم بها السيد طه أو فؤاد صادق، فقد حدث بعد ذلك أن أسرع الصاغ معروف الحضري -وهو الذي حمل تفاصيل الخطة إلى الفالوجا- فكان أول سؤال وجهه إليه رجال قلم المخابرات الإسرائيلي هو:"لماذا لم ينفذ الجيش المصري خطة انسحاب الفالوجا التي وضعها جلوب؟ ".
وهذا السؤال نفسه سمعه رجال رسميون في مناسبة رسمية لا أستطيع ذكرها، ولا أذكر تفاصيلها، وكان ذلك قبل أن تنتهي الحملة..
وكان يجب أن يعلم حيدر باشا أن اليهود على علم بهذه الخطة منذ أن تركوا القافلة المكونة من خمسة وأربعين جملًا التي حملت أوامره، تمر في هدوء إلى الفالوجا دون أن يتعرضوا لها.
وقد أمر السيد طه بنحر أربعين جملًا من هذه الجمال لتموين جنوده، وأعاد خمسة جمال فقط إلى بيت لحم بصحبة معروف الحضري تحمل المرضى وبعض المدنيين، فاعتدى اليهود على هذه القافلة الصغيرة، وأسروا "معروف" وقتلوا واحدًا من الرجال، واستطاع الباقون أن يتشتتوا..