في استجوابه، كما عزل رئيس المجلس الذي سمح بأن يسير هذا الاستجواب في مجراه..
وكان يمكن أن ينتهي الأمر عند هذا الحد..
فالسلطة التنفيذية لم تتحرك لاتخاذ إجراء حاسم للتحقيق في صفقات الأسلحة والذخائر..
والسلطة التشريعية لم تجبر السلطة التنفيذية على اتخاذ هذا الإجراء..
وبقيت سلطة واحدة، هل كل ما بقي لمصر من أمل.. السلطة القضائية..
ولكن كيف يثار موضوع هذه الصفقات أمام السلطة القضائية؟
لم يكن هناك إلا طريق واحد؛ هو أن أقدم نفسي للقضاء متهمًا في قضية نشر خاصة بهذا الموضوع!
وهممت بالكتابة..
ولكن ماذا أكتب، ولم يكن تحت يدي -حتى ذلك الحين- مستند واحد أستطيع أن أعتمد عليه، وأن أقدمه للقضاء إثباتًا لحسن نيتي؟
ثم كان يجب أن أكتب عن صفقات غير التي أوردها ديوان المحاسبة في تقريره، وأثارها مصطفى مرعي في مجلس الشيوخ حتى لا يرد عليَّ بأن ما أكتبه سبق أن أثير واتخذ قرار بشأنه، وبذلك أحرم من تقديمي للقضاء، وكنت أعلم أن هناك صفقات لم تثر بعد؛ ولكن -كما سبق أن قلت- لم يكن لدي دليل عليها ... وبدأت أعمل في جمع الأدلة والمستندات..
وفضلت أن أعمل وحدي، بعيدًا عن أجواء السياسة ورجالها؛ بل بعيدًا عن كل صاحب نفوذ أو صاحب اسم معروف..
وكان عليَّ أن أحسب حسابًا للأغراض الشخصية، والتيارات النفعية، التي تعيش بين كل هيئة، وكل جماعة..
وكان عليَّ أن أتأكد من أن كل كلمة أسجلها هي كلمة نظيفة، وكل ورقة أضع يدي عليها، هي ورقة موثوق بها..