الدين، وقد أورد ابن القيم في أعلام الموقعين شواهد كثيرة جدا، من رد الفقهاء للأحاديث الصحيحة عملا بالقياس، أو لغير ذلك ومن أغربها أخذهم ببعض الحديث الواحد دون باقية. وقد أورد لهذا أكثر من ستين شاهدا. ا. هـ.
نعم إن الفقهاء اتفقوا عل جعل الأحاديث أصلا من أصول الأحكام الشرعية، ولم يخالف في ذلك أحد منهم، ولكن الأحاديث لم تجتمع كلها لدى إمام من الأئمة، حتى يكون اجتهاده، موافقا للنصوص في كل حال.
بل وقع لهذا الفقيه من الحديث، ما لم يكن عند الآخر وصح عنده ما لم يصح عند غيره. لذلك وقع اختلافهم في الأحكام، ومخالفتهم للأحاديث في بعض الأحيان. ولم يكن ذلك منهم اتباعا للهوى، أو لفهمهم بأن السنة ليست دينا عاما، دائما بل لأسباب علمها العلماء، وألفوا فيها الرسائل، ومن هؤلاء الأئمة العلامة ابن تيمية، الذي ألف رسالة سماها.
"رفع الملام عن الأئمة الأعلام":
أما استدلال الشيخ باشتمال كتب الفقه في المذاهب المختلفة على مئات من المسائل، المخالفة للأحاديث الصحيحة، فنقول: إن جمود المتأخرين على التقليد وقف بالفقه في العصو المتأخر عن التقدم، ومسايرة الأدلة الصحيحة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولو أنه وجد منهم نشاط علمي، فعرضوا مذاهب أئمتهم على الأحاديث الصحيحة، لرجعوا بالفقه إلى منبعه الأصلي من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولضاقت دائرة الخلاف بينهم.
وهؤلاء الفقهاء المتأخرون هم الذين أنحى عليهم العلامة ابن القيم باللائمة، حيث يقدمون آراء أئمتهم على الحديث الصحيح، عن نبيهم صلى