للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

دعوات التجديد والإصلاح للنحو العربي:

شاب النحو العربي منذ نشأته شوائب، وارتفعت شكوى المتعلمين من صعوبته وتعقده. ويرجع ذلك لأسباب متعددة منها:

١- أن النحويين القدماء حين قعدوا قواعدهم أقحموا اللهجات العربية بصفتها وخصائصها المتباينة، ونظروا إليها على أنها صور مختلفة من اللغة المشتركة، مما خلق مشاكل معقدة أيسرها اختلاف الأقوال في المسألة الواحدة، ومحاولة التوفيق بين المذاهب والشواهد المتناقضة، والإكثار من الأمور الجائزة، وكثرة التقسيمات والتشعيبات، والإسراف في وضع الشروط١.

وقد كان الواجب عليهم إسقاط كل هذه الأمثلة اللهجية، وترك غيرها مما يمثل مراحل التطور اللغوي، كما كان الواجب عليهم أن يفرقوا بين القواعد النحوية التي غايتها احتذاء الصواب وصيانة اللسان عن الخطأ، وبين دراسة ما نطق به العرب وما جرى على ألسنة قبائلهم وما نقله الرواه من شعر أو نثر تضمن خصائص لهجية معينة٢. أما الأولى فتبنى على اللغة النموذجية الأدبية الممثلة في القرآن الكريم "دون قراءاته" والحديث النبوي الشريف، والآثار الأدبية الرفيعة من أشعار.


١ يكفي أن أحيل القارئ إلى شروط أفعل التفضيل، التي حينما أعاد مجمع اللغة العربية في مصر بحثها رأى إسقاط معظمها، فأسقط شرط تجرد الفعل الثلاثي أخذًا برأي سيبويه والأخفش، وأسقط شرط البناء للمعلوم عند أمن اللبس، وتخفف من شرط كون الفعل تامًّا أخذًا بقول الكوفيين وتخفف من شرط ألا يكون الوصف منه على أفعل فعلاء أخذًا برأي الكوفيين وهشام والأخفش وتخفف من شرط عدم الاستغناء عنه بمصوع من مرادفه، لأن من النحاة من تركه، وأن من ذكره لم يورد إلا مثالًا واحدًا.
"انظر ص ١٢١ من كتاب أصول اللغة- وفي الصفحات التالية لها أبحاث شائقة اشترك فيها كثير من أعضاء المجمع حول هذه الشروط".
٢ عبد الحميد حسن: القواعد النحوية، ص ٢٠٧، ٢٠٨، ٢١٧، من أسرار اللغة، ص ٢٨ - ٣٠، المدخل إلى دراسة النحو، ص ٤٩ - ٥٢.

<<  <   >  >>