للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذا سمع من أهل اللغة الذين يرجع إليهم في ضبطها، وما عدا هذا فهو -مع أنه تحكم فاسد متناقض- فهو أيضًا كذب؛ لأن قولهم: كان الأصل كذا فاستثقل فنقل إلى كذا ... شيء يعلم كل ذي حسن أنه كذب لم يكن قط، ولا كانت العرب عليه مدة ثم انتقلت إلى ما سمع منها بعد ذلك"١.

كما كان من رأيه أن التعمق في بحث مسائل النحو إفساد وأنه يجزئ في النحو كتاب "الواضح" للزبيدي أو "الموجز" لابن السراج. أما "التعمق في علم النحو ففضول لا منفعة بها. بل هي مشغلة عن الأوكد ومقطعة دون الأوجب والأهم، وإنما هي "تكاذيب"٢.

وأما ابن مضاء القرطبي فقد ألف كتابًا في شرح آرائه الهجومية أسماه "الرد على النحاة"، وقد قام الأستاذ الدكتور شوقي ضيف بتحقيقه وكتابة مقدمة وافية له يجب الرجوع إليها لمن يريد أن يعرف منهج ابن مضاء في نقد النحو والنحاة.

وكانت غاية ابن مضاء أن يحذف من النحو ما يستغني النحوي عنه، وأن ينبه على ما اجتمعوا على الخطأ فيه. وتتحقق هذه الغاية في رأيه بإلغاء نظرية العامل، وإلغاء العلل الثواني والثوالث، وإبطال القياس، وترك المسائل النظرية، وإسقاط كل ما لا يفيد في النطق٣.

قيمة الدراسات النحوية عند العرب:

على الرغم مما شاب النحو العربي من شوائب، وما وجه إليه من نقد، فلا أحد يستطيع أن ينكر قيمة النحو العربي، ومقدرة النحاة الفائقة التي تصل أحيانًا إلى حد الإعجاز، يقول الأستاذ عباس حسن. "أينا لا تنهره تلك العناية المعجزة التي بذلها الأولون في جمع أصول


١ نظرات في اللغة عند ابن حزم الأندلسي، ص ٤٤ - ٤٦.
٢ نفس المرجع السابق.
٣ النحو العربي للدكتور مازن المبارك، ص ١٥٣. وقد نبه المؤلف إلى بعض الأفكار التي نادى بها ابن مضاء ولها نظير عند السابقين. وانظر بحثنا: دعوات الإصلاح للنحو العربي قبل ابن مضاء.

<<  <   >  >>