عليه دراسة حتى كاد يحفظه عن ظهر قلب. وطاب لليث يومًا أن يشتري جارية حسناء، مما أحفظ قلب زوجته عليه، وهداها تفكيرها إلى الانتقام منه في أغلى شيء لديه فأحرقت نسخته من العين. ولم يتوان الليث عن التفكير في طريقة يحيي بها الكتاب من جديد، فأخذ يكتب مرة أخرى ما كان يحفظه من الكتاب حتى أتم نصفه تقريبًا. ثم جمع بعضًا من اللغويين المعاصرين فعاونوه على إتمام الكتاب.
وقد أفضى الأستاذ الدكتور عبد الله درويش في مناقشة هذه الأدلة وأبطلها جميعها بما ملخصه، مع بعض إضافات لي أو لغيري:
١- يبدو أن عزلة الخليل، وانصرافه عن أن يدون كتبه بنفسه قد ساعد هو وغيره على أن يختفي كتاب العين بعضًا من الوقت فلم يظهر هذا الكتاب إلا بأخرة على يد وراق من خراسان، وربما كان مصير "العين" مثل مصير "الجيم" لأبي عمرو الشيباني، إذ يرون أن أبا عمرو بعد أن أتم تأليفه ضن به على الناس، ولهذا لم تكثر نسخه، ولم يشتهر أمره بين المتأخرين من العلماء١.
٢- أن هناك بعض معاجم ظهرت بين "العين" و"الجمهرة"، وأشهرها "الجيم" لأبي عمرو الشيباني "٢٠٦ هـ".
٣- ليس من الغريب أن يروي العين عن الخليل الليث وحده، فقد حدث ما هو أغرب من هذا بالنسبة لصحاح الجوهري، ومع ذلك لم يشك أحد في نسبته، حيث لم يروه -كما يقول القفطي- أحد من أهل خرسان.
٤- أما إنكار الأزهري فلا اعتبار له، لأنه كان دائب التجريح لغيره من اللغويين، والانتقاص من قدر الكتب التي ألفت قبله حتى يرفع من قيمة معجمه.