للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في مراحلها الأولى قبل أن تنضج. فمن ذلك إهمال الإعراب في مثل قول امرئ القيس:

اليوم أشرب غير مستحقب ... إثمًا من الله ولا واغل

وقول الراجز:

متى أنام لا يؤرقني الكرى ... ليلًا ولا أسمع أصوات المطي

ومن ذلك حذف النون من المثنى من غير إضافة كقول الشاعر:

هما خطتا إسار ومنة ... وإما دم والقتل بالحر أجدر

والمثل العربي القديم: بيضك ثنتا وبيضي مائتا١. وكذلك إلزام الأسماء الخمسة الألف مثل: مكره أخاك لا بطل.

أما كيف نشأ النحو؟ ومن أول من ألف فيه؟ فهذا سؤالان ما نظن أن في أيدينا الإجابة عنهما أو الرد عليهما بحسم. وأغلب الظن أنهما سيظلان معلقين حتى نعثر على مادة جديدة تكشف عن بداية النحو العربي، وتضع حدًّا للإرهاصات والتنبؤات حولها٢. فمن قائل: إنه علي بن أبي طالب، ومن قائل: إنه نصر بن عاصم٣.

ويختلف من قالوا: إن أبا الأسود هو واضع النحو في الباعث له على ذلك، فيقول بعضهم: إن علي بن أبي طالب هو الذي أوعز إليه بوضع النحو، ومن قائل: إنه عمر بن الخطاب، ومن قائل: إنه زياد بن أبيه، ومن قائل: إن أبا الأسود فزع بنفسه إلى وضع النحو حين سمع قارئًا يقرأ: "لَا يَأْكُلُه


١ رسالة الغفران ص ٢٩١، واللغة والنحو ص ٨٦، ٩٤.
وانظر مغني اللبيب ١/ ١٦٧، والمدخل إلى دراسة النحو لعابدين ص ٣٦.
٢ يقول بروكلمان: "يبدو أن أوائل علم اللغة العربية ستبقى دائمًا محوطة بالغموض والظلام لأنه لا يكاد ينتظر أن يكشف النقاب بعد عن مصادر جديدة تعين على بحثها ومعرفتهان "٢/ ١٢٣".
٢ الفهرست ص ٣٩، ومدرسة البصرة النحوية ص ٣٢ - ٣٥.

<<  <   >  >>