للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويروى أن والي البصرة في عهد هشام بن عبد الملك جمع بين أبي عمرو ابن العلاء وابن أبي إسحاق، فقال أبو عمرو: "فغلبني ابن أبي إسحاق بالهمز يومئذ"١.وبالرجوع إلى فهارس كتاب سيبويه "إعداد هارون" يتبين أن نقول سيبويه عن ابن أبي إسحاق تبلغ تسعة فقط. ولكن جاء جانب من شهرة ابن أبي إسحاق من كثرة تتبعه لزلات الشعراء وتلمسه الأخطاء لهم. وأشهر من تعرض له الفرزدق، وله معه قصص كثيرة. فمن ذلك أنه سأله يومًا: كيف تنشد هذا البيت:

وعينان قال الله كونا فكانتا ... فعولان بالألباب ما تفعل الخمر٢

فقال الفرزدق: "فعولان" فرد ابن أبي إسحاق: ما كان عليك لو قلت فعولين؟ فقال الفرزدق: لو شئت أن أسبح لسبحت، ونهض فلم يعرف أحد مراده. وتعرض ابن أبي إسحاق للفرزدق في شعر له، إذ عابه على قوله:

وعض زمان يا بن مروان لم يدع ... من المال إلا مسحت أو مجلف٣

وسأله: علام رفعت؟ فقال الفرزدق: على ما يسوؤك وينوؤك علينا أن نقول وعليكم أن تتأولوا ثم هجاه بقوله:

فلو كان عبد الله مولى هجوته ... ولكن عبد الله مولى موالي

فقال له ابن أبي اسحاق: وهذا أيضًا خطأ، كان يجب أن تقول: موال لا موالي٤.


١ نشأة النحو "ط ثانية" ص ٥٨، والنحو العربي لمازن المبارك ص ٤١، ٥٣.
٢ يخرج البيت على أن "كان" تامة.
٣ المسحت: المستأصل، والمجلف: الباقي منه شيء.
٤ محاضرات الدكتور أنيس، ونشأة النحو "ط ثانية" ص ٥٩ - ٦٠.

<<  <   >  >>