للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بعض الحروف مع بعض، وذلك في قوله: "فأما اقتران الجروف فإن الجيم لا تقارن الظاء ولا القاف ولا الطاء ولا الغين بتقديم ولا بتأخير. والزاي لا تقارن الظاء ولا السين ولا الضاد ولا الذال.. وهذا باب كبير، وقد يكتفى بذكر القليل حتى يستدل به على الغاية التي إليها يجري"١.

"ح" وينقل الجاحظ الزعم أن الياء واللام والألف والراء أكثر الحروف ترددًا من غيرها، وأن الحاجة إليها أشد، ثم يعقب بقوله: "واعتبر ذلك بأن تأخذ عدة رسائل، وعدة خطب من جملة خطب الناس ورسائلهم، فإنك متى حصلت جميع حروفها وعددت كل شكل على حدة علمت أن هذه الحروف الحاجة إليها أشد"٢.

ومنهج الجاحظ في هذه التجربة الصوتية يعد أحدث منهج متبع الآن، وهو أخذ عينة من المادة اللغوية المدروسة ثم استخلاص النتائج منها والانتهاء بتعميم الحكم.

وأول من أفرد المباحث الصوتية بمؤلف مستقل ونظر إليها على أنها علم قائم بذاته ابن جني المتوفي عام ٣٩٢ هـ في كتابه "سر صناعة الإعراب"٣ الذي تناول الموضوعات الصوتية الآتية:

١- عدد حروف الهجاء وترتيبها ووصف مخارجها.

٢ بيان الصفات العامة للأصوات وتقسيمها باعتبارات مختلفة.

٣ ما يعرض للصوت في بنية الكلمة من تغيير يؤدي إلى الإعلال أو الإبدال أو الإدغام أو النقل أو الحذف.


١- ١/ ٦٩.
٢- ١/ ٢٢.
٣ رجعنا إلى تحقيق مصطفى السقا للجزء الأول. وقد حقق الكتاب كاملًا ونشر مؤخرًا في دمشق بتحقيق الدكتور حسن هنداوي.

<<  <   >  >>