للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلاحظ أني أوردت أكثر ما أوردت من الأمثلة من تفسيره: تيسير التفسير وفيه الكثير, وقصدي من هذا أنه إذا كان هذا ما أورده في المختصر ففي المطول أكثر منه وأطول, وهذا هو الواقع، فللإسرائيليات في التفسيرين مجال رحب.

اهتمامه بالمسائل النحوية واللغوية والبلاغية:

ومن السمات البارزة أيضا في هذا التفسير إسهاب صاحبه في المسائل النحوية خاصة وفي اللغوية والبلاغية لكنهما أقل من الأولى. ومن أمثلة ذلك ما ذكره في إعراب {غَيْرِ} من قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} ١، فقال: " {غَيْرِ} هو بدل من {الَّذِينَ} بدل مطابق نظرا إلى معنى أن {الْمَغْضُوبِ ٢ عَلَيْهِمْ} هم الذين سلموا من الغضب والضلال، وذكر ابن هشام أن البدل بالمشتق ضعيف، لكن لفظه {غَيْرِ} ليست مشتقة وتأويلها بالمشتق مثل المخالف والمغاير لا يمنع إبدالها ولا يضعفه, فإن الاسمية غالبة عليه وتأويلها فرع, ويجوز أن تكون نعتا للذين مبينا إن أريد بـ {الَّذِينَ} المؤمنون فقط، ومقيدا إن أريد به كل من أنعم الله عليه بنعمته دنيوية أو أخروية أو بمطلق الإيمان, وعلى كل من الإبدال والنعت بوجهيه يكون المعنى أنهم جمعوا بين النعمة المطلقة وهي نعمة الإيمان وبين السلامة من غضب الله والضلال، وإن قلت: {الَّذِينَ} معرفة و {غَيْرِ} لا يتعرف بإضافة, فكيف تنعت المعرفة بالنكرة؟ قلت: التحقيق أنها تتعرف بالإضافة إذا وقعت بين المتضادين كما هنا, وذلك إن كان الضد له ضد واحد كما هنا، فإنه ليس في المكلفين إلا المغضوب عليهم والمنعم عليهم, وكما في قولك: الحركة غير السكون. وأما الضدان اللذان لهما أجزاء وأكثر فلا تتعرف بالوقوع بينهما نحو البياض غير السواد, فإن هناك صفرة وحمرة وغير ذلك، والتعريف في ذلك والتعريف في الآية للجنس, فإن المنعم عليه ليس شخصا واحدا وكذا المغضوب عليه كما نصت عليه الآية بصيغة الجمع, وأيضا إذا


١ سورة الفاتحة: الآية ٧.
٢ هكذا وردت, ولعل الصواب: أن {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ} ليستقيم الكلام بعدُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>