للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عقائدهم]

في معرفة الله:

قالوا: "إن معرفة الله تبارك وتعالى واجبة بالعقل قبل ورود الشرع, فلما ورد الشرع زادها إيضاحا وأعلن إيجابها"١. وقال أحد أئمتهم نظما:

معرفة الباري من العقول ... فكيف بالسماع والنقول

ولا يجوز جهلها لجاهل ... طرفة عين عند ذي الدلائل٢

أما في الصفات فقالوا: "لا يخفى على أهل العلم أن الله عز وجل خاطبهم بلسانهم وحاورهم بما يجري بمعقولهم، فهم يفهمون الخطاب من نفس القرائن قبل التحقق لفحوى الخطاب، ولما تقرر في الشريعة أن الله عز وعلا مباين لمخلوقاته في الذات والصفات والأفعال لم يعد لهم وهم أو جهل في شيء من وحي الله عز شأنه, فإن صفات المخلوق تخالف صفات الخالق تبارك وتعالى فلا يرتبك الفهم العربي مهما كان في معرفة اللسان. فلذا لما كان الأخذ في اللغة باليد ومراقبة الأشياء المبصرة بالعين, وهكذا عبر الله تبارك وتعالى عن معانيها بمثل ما عبر به عن نفس ما في الإنسان فقال: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} ٣, فالعين في حق الله عز وعلا معروفة بأنها حفظه واليد مفهومة في حقه قدرته لما قدمنا من استقرار الفهم باستحالة صفة الإنسان أن تكون صفة الرحمن, وهكذا بقية الصفات كالقبضة والاستواء والمجيء والجد والمكر والجنب, فإن هذه عبارات يتخاطب بها البشر فيما بينهم فخاطبهم الله عز وجل فيما بينهم وإياه لاستقرار معانيها عندهم في حق الله, فلا يذهبون بها إلى غيرها, وقد علموا أن الله جلت قدرته مباين لهم في الأحوال كلها, كما وضع لهم ذلك في قوله:


١ طلقات المعهد الرياضي في حلقات المذهب الأباضي: سالم بن حمود بن شامس السيابي ص٩١.
٢ جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام ج١ ص٦ و٧؛ عبد الله بن حميد بن سلوم السالمي.
٣ سورة طه: من الآية ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>