ولا يقصد -ولا نقصد- بالمقررات السابقة السنة النبوية أو علوم القرآن الكريم أو اللغة ونحو ذلك مما لا بد من توفره عند المفسر قبل مزاولته التفسير، وإنما يقصد بها رواسب الثقافات التي لا تستقي من القرآن ذاته وقد وضح رحمه الله تعالى ذلك بما لا يحتاج إلى بيان حيث قال: "ومنهجنا في استلهام القرآن الكريم ألا نواجهه بمقررات سابقة إطلاقا. لا مقررات عقلية ولا مقررات شعورية ومن رواسب الثقافات التي لم نستقها من القرآن ذاته نحاكم إليها نصوصه أو نستلهم معاني هذه النصوص وفق تلك المقررات السابقة، لقد جاء النص القرآني ابتداء؛ لينشئ المقررات الصحيحة التي يريد الله أن تقوم عليها تصورات البشر، وأن تقوم عليها حياتهم وأقل ما يستحقه هذا التفضل من العلي الكبير وهذه الرعاية من الله ذي الجلال وهو الغني عن العالمين أن يتلقوها وقد فرغوا لها قلوبهم وعقولهم من كل غبش دخيل؛ ليقوم تصورهم الجديد نظيفا من كل رواسب الجاهليات قديمها وحديثها على السواء مستمدًّا من تعليم الله وحده لا من ظنون البشر، التي لا تغني من الحق شيئا.
ليس هناك إذن مقرات سابقة نحاكم إليها كتاب الله تعالى إنما نحن نستمد مقرراتنا من هذا الكتاب ابتداء. ونقيم على هذه المقررات تصوراتنا ومقرراتنا