للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إرث الأنبياء]

والشيعة خلاف أهل السنة والجماعة في أن الأنبياء -عليهم السلام- يورثون، ويستدلون بما حكاه الله سبحانه وتعالى من دعاء زكريا عليه السلام: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} ١.

وقد أفاض محمد حسين الطباطبائي في تفسير هذه الآية على مذهب الشيعة فقال: "والمراد بالوراثة وراثة ما تركه الميت من الأموال وأمتعة الحياة، وهو المتبادر إلى الذهن من الإرث بلا ريب؛ إما لكونه حقيقة في المال ونحوه مجازًا في غيره كالإرث المنسوب إلى العلم وسائر الصفات والحالات المعنوية، وإما لكونه منصرفًا إلى المال إن كان حقيقة في الجميع، فاللفظ على أيِّ حال ظاهر في وراثة المال، ويتعين بانضمامه إلى الولي كون المراد به الولد، ويزيد في ظهروه في ذلك قوله قَبْلُ: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي} "٢.

ثم بدأ السيد الطباطبائي يرد على بعض الأقوال التي فسرت الإرث بإرث النبوة أو إرث العلم أو إرث التقوى، رَدَّ على القول الأول منها بقوله: "يدفعه ما عرفت آنفًا أن الذي دعاه -عليه السلام- إلى هذا الدعاء والمسألة هو ما شاهده من مريم، ولا خبر في ذلك عن النبوة ولا أثر، فأي رابطة بين أن يشاهد منها عبادة وكرامة فيعجبه ذلك وبين أن يطلب من ربه ولدًا يرثه النبوة؟


١ سورة مريم: ٥، ٦.
٢ الميزان في تفسير القرآن: محمد حسين الطباطبائي ج١٤ ص١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>