للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[منهج المدرسة العقلية الاجتماعية في التفسير]

[الأساس الأول: الوحدة الموضوعية في القرآن الكريم]

...

[منهج المدرسة العقلية الاجتماعية في التفسير]

يقوم منهج التفسير لدى المدرسة العقلية الاجتماعية على أسس متعددة، ولئن كان لا يسعنا أن نطيل الحديث في بيانها فإنه لا يسعنا أن نوجزه إيجازًا مخلًّا، فليكن أمرنا فيه وسطًا بين هذا وذاك، والأسس التي استطعت أن أضبطها هي:

الأساس الأول: الوَحْدَة الموضوعية في القرآن الكريم

وقد أيد كثير من علماء السلف الوَحْدَة الموضوعية في القرآن الكريم؛ ومنهم ابن العربي الذي قال: "ارتباط آي القرآن بعضها ببعض حتى تكون كالكلمة الواحدة متسقة المعاني منتظمة المباني علم عظيم"١.

وقال ولي الدين الملوي ردًّا على مَن أنكر الوَحْدَة الموضوعية: "قد وهم مَن قال: لا يطلب للآي الكريمة مناسبة"، إلى أن قال: "والذي ينبغي في كل آية أن يبحث أول كل شيء عن كونها مكملة لما قبلها أو مستقلة، ثم المستقلة ما وجه مناسبتها، ففي ذلك علم جم، وهكذا في السور يُطلب وجه اتصالها بما قبلها وما سيقت له"٢.

ومال رجال المدرسة العقلية الاجتماعية إلى هذا الرأي فقالوا بالوَحْدَة الموضوعية في سور القرآن الكريم، وعدوه أساسًا في فَهْم القرآن الكريم، فقال محمد رشيد رضا: "مَن نظر في ترتيب السور كلها في المصحف يرى أنه قد رُوعي في ترتيبها الطول والتوسط والقصر في الجملة، ومن حكمته أن في ذلك عونًا على تلاوته وحفظه، فالناس يبدءون بقراءته من أوله فيكون الانتقال من السبع الطوال إلى المئين فالمثاني فالمفصل أنفى للملل وأدعى إلى النشاط، ويبدءون بحفظه من آخره؛ لأن ذلك أسهل على الأطفال؛ ولكن في كل قسم من الطول والمئين والمفصل تقديمًا لسور قصيرة على سور أطول منها، ومن حكمة


١ الاتقان في علوم القرآن: السيوطي ج٢ ص١٠٨، والبرهان: للزركشي ج١ ص٣٦.
٢ الإتقان: السيوطي ج٢ ص١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>