لا شك أن منهج أهل السنة والجماعة في التفسير هو أسلم المناهج كسلامة منهجهم في العقيدة, وهل العقيدة الصحيحة إلا الفهم الصحيح للقرآن الكريم, وللسنة النبوية.
وإن كانت من فروق بين مفسري أهل السنة والجماعة في القديم وفي العصر الحديث, فثم فروق بعضها يحسب حسنة للسابقين وبعضها فضيلة للمتأخرين.
أول هذه الفروق حسب ملاحظتي القاصرة أن المفسرين السابقين أو أكثرهم يعتني بتفصيل عقيدة أهل السنة والجماعة فيما يمر في تفسيره من آيات قرآنية ويرد على شبه الخصوم وعلى الملل والنحل الباطلة والتفسيرات المنحرفة حتى إذا قضى عليها وطمس باطلها صب في أذنيك القول الصحيح والتفسير السليم, فلا يبقى في ذهنك إلا مذهب السلف الحق ولم تقم لغيره قائمة ولا تعكر صفوه شبهة.
أما المفسرون في العصر الحديث, فإن أكثرهم وفي أكثر المسائل الخلافية لا يكاد يعرض لبيان تفسير باطل يرد عليه، أو نحلة منحرفة يبطلها ويكشف زيفها، بل يتجه اتجاها مباشرا إلى ألفاظ الآية وما تدل عليه من غير تعرض للشبهات والتفسيرات الزائفة ومن غير تعرض أحيانا إلى جلاء الحقيقة في معركة احتدمت في هذه الآية أو تلك, فكأنه وقر في ذهنه أنه إنما يؤلف لطائفة لا تجادل في معنى ولا تطلب دليلا لمنحى. وهذا أمر أحسب أن تلافيه واجب وأن الحاجة ماسة إلى تفسير يعنى فيه صاحبه إلى بيان عقائد أهل السنة وشرحها وبيان ما يتعلق بها وما يثار حولها من شبهات وما يستدل به منها بعض النحل وبيان الحق الواضح والدواء الشافي بما يجلو كل شبهة, ويثبت كل حقيقة.