للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا وحده هو المنهج الصحيح في مواجهة القرآن الكريم وفي استلهماه خصائص التصور الإسلامي ومقوماته"١.

ولذلك فإنه رحمه الله تعالى ينكر على أولئك الذين يحسبون أن بعض أخبار القرآن وقصصه تمثيل وتخييل؛ وعزا هذا إلى أنهم يجيئون إلى القرآن بتصورات مقررة سابقة في أذهانهم أخذوها من مصادر أخرى غير القرآن، ثم يحاولون أن يفسروا القرآن وفق تلك التصورات السابقة المقررة في أذهانهم من قبل ومن ثم يرون الملائكة تمثيلا لقوة الخير والطاعة والشياطين؛ تمثيلا لقوة الشر والمعصية والرجوم؛ تمثيلا للحفظ والصيانة ... إلخ. لأن في مقرراتهم السابقة قبل أن يواجهوا القرآن أن هذه المسميات: الملائكة والشياطين أو الجن لا يمكن أن يكون لها وجود مجسم على هذا النحو أن تكون لها هذه التحركات الحسية والتأثيرات الواقعية من أين جاءوا بهذا؟ من أين جاءوا بهذه المقررات التي يحاكمون إليها نصوص القرآن والحديث؟ "٢.

ثم بين رحمه الله تعالى الطريق الأمثل لفهم القرآن وتفسيره فقال: "إن الطريق الأمثل في فهم القرآن وتفسيره وفي التصور الإسلامي وتكوينه أن ينفض الإنسان من ذهنه كل تصور سابق، وأن يواجه القرآن بغير مقررات تصورية أو عقلية أو شعورية سابقة وأن يبني مقرراته كلها حسب ما يصور القرآن والحديث حقائق هذا الوجود ومن ثم لا يحاكم القرآن والحديث لغير القرآن ولا ينفي شيئا يثبته القرآن ولا يؤوله! ولا يثبت شيئا ينفيه القرآن أو يبطله وما عدا المثبت والمنفي في القرآن فله أن يقول فيه ما يهديه إليه عقله وتجربته"٣.

وقد اعترف رحمه الله تعالى بأنه قد وقع في هذا الذي يحذر الآن منه فيقول: "وما أبرئ نفسي أنني فيما سبق من مؤلفاتي وفي الأجزاء الأولى من هذه الظلال قد انسقت إلى شيء من هذا وأرجو أن أتداركه في الطبعة التالية إذا وفق الله وما أقرره هنا هو ما أعتقده الحق بهداية من الله"٣.


١ خصائص التصور الإسلامي ومقوماته: سيد قطب ص١٤-١٥.
٢ في ظلال القرآن: ج٦ ص٣٧٣٠.
٣ في ظلال القرآن: ج٦ ص٣٧٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>