للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكد رحمه الله تعالى على هذا الأساس حين جعله قاعدة مأمونة في مواجهة النصوص القرآنية حيث يقول: "إن هنالك قاعدة مأمونة في مواجهة النصوص القرآنية؛ أنه لا يجوز لنا أن نواجه النصوص القرآنية بمقررات عقلية سابقة.

لا مقررات عامة ولا مقررات في الموضوع الذي تعالجه النصوص. بل ينبغي أن نواجه هذه النصوص؛ لنتلقى منها مقرراتنا. فمنها نتلقى مقرراتنا الإيمانية ومنها نكوِّن قواعد منطقنا وتصوراتنا جميعا فإذا قررت لنا أمرًا فهو المقرر كما قررته! ذلك أن ما نسميه "العقل" ونريد أن نحاكم إليه مقررات القرآن عن الأحداث الكونية والتاريخية والإنسانية والغيبة هو إفراز واقعنا البشري المحدود وتجاربنا البشرية المحدودة"١.

وتصوروا معي أيها الأحبة رجلا كسيد قطب، قضى ردحا من حياته في طلب العلم والتحصيل حتى جمع حصيلة علمية وفكرية هائلة ممزوجة بالتجربة وحين دلف إلى النص القرآني ألقى على عتبة بابه كل هذا الخضم من العلوم والمعارف مستسلما لمقررات القرآن الكريم، وبمتدئا بمعارفه لذا فإن القرآن الكريم أعطى هذا الرجل ومن يعمل عمله أكثر مما أعطوا وأصدق مما تركوا.

ولا أريد أن أكثر من الأمثلة ولعل مثالا واحدا يغني عن كثير منها؛ لأن فيه وفاء بالمعنى والتزاما للمنهج وتشبث به بل عض عليه بالنواجذ، ولم يقف رحمه الله تعالى في هذا المثال الذي سنذكره بشيء من التفصيل عند حدود بيان مقررات القرآن بل تجاوز ذلك إلى الرد على الذين انزلقوا إلى بعض النظريات التي تصادم ما قرره القرآن.

وقد تحدث رحمه الله تعالى عن حقيقة التوحيد ورد على الذين يزعمون أن التوحيد مرحلة تالية للتعدد في العقيدة فيزعمون تطورها في تاريخ الإنسان من التعدد إلى دور التمييز ثم دور التوحيد.

تناول ذلك فيحديثه عن قصة نوح عليه السلام مع قومه والتي


١ في ظلال القرآن: ج٦ ص٣٩٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>