للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عَظِيمٍ} ١ ولما رأوا الدعوة تنتشر انتشار البرق علموا أن ليس معدن العظمة المال، وأن العظمة الحقيقية في القيم الربانية وفي الشرع الإلهي الذي يستقر في قلب ويجري عملا صالحاً وقد تدفقت الأموال على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعلق بقلبه شيء منها ولا تزود بغير زاد سنة. نهض مرة بعد التسليم مسرعاً فتخطى رقاب الناس إلى بعض حجر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج عليهم، فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته قال: "ذكرت شيئاً من تبر عندنا فكرهت أن يحبسني فأمرت بقسمته"٢.

ورأت أمهات المؤمنين الأموال تحمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتاقت نفوسهن إلى التوسعة ورغبن فيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى الرسول إلا أن يكون هو وبيته مثلاً على الرضا بالكفاية وجاءهن من الله التخيير؛ إما الصبر على رسول الله على ما أراد الله له من تقديم الآخرة على الدنيا وإما التسريح والتمتيع، فاخترن الله ورسوله.

ومن ثم كانت دعوة الأنبياء خالصة لله لم يبتغوا بها منفعة لأنفسهم أو جزاء دنيويا. وما من رسول إلا قال لقومه: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إلآَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} ٣.


١ الزخرف: ٣١.
٢ رواه البخاري. انظر رياض الصالحين ص٥٧.
٣ الشعراء: ١٠٩.

<<  <   >  >>