للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن كان المتحد هو الكلام أو الكلمة وحدها، فهذا باطل أيضًا؛ لأن الكلام صفة والصفة لا تقوم بنفسها، ولا تملك ولا تخلق ولا تستقل بالفعل.

رابعاً: أنه بعد اتحاد اللاهوت بالمسيح، إما أن يتحدا ويبقيا بعد الاتحاد ذاتين أو يصبحا ذاتا وجوهراً واحداً.

فإذا كان الأول فهذا لا يسمى اتحادًا، وإن كان الثاني فيلزم منه استحاله اللاهوت وتبدل حقيقته وصفته، وهذا ممتنع مرفوض.

خامساً: أن قول النصارى باطل على جميع الأقوال التي قالها الناس في الكلام؛ فإن مرجع أقوال الناس في الكلام إلى ثلاثة أقوال:

أ -القول بنفي الكلام، وأنه مجاز أو هو ما تفيض به النفوس، ونحوه من العبارات التي مرجعها إلى القول بنفي الكلام، وهذا مخالف لقولهم.

ب -أن الكلام مخلوق لله بائن عنه، وعلى هذا القول يكون المسيح مخلوقاً وليس بإله.

ت -أن الكلام صفة من صفات الله، والصفة من المعلوم أنها قائمة بالموصوف ليست مباينة له ولا تستقل بفعل، ولا تنفرد بخلق ولا تدبير، كما يقول النصارى في المسيح -عليه السلام-.

سادساً: أن المسيح خُلق بالكلمة وليس هو الكلمة، وعلى هذا دلت النصوص.

سابعاً: أنهم يقرون بأن من الممتنع أن يكلم الله بشرًا إلا وحيًا أو من وراء حجاب، فإذا كان هذا ممتنعاً، فامتناع أن يتحد به أو يحل فيه من باب أولى.

ثامناً: أنهم يقرون بأن رؤية البشر لله في الدنيا ممتنعة، وبذلك جاءت التوراة عندهم، فإذا كانت الرؤية ممتنعة فالاتحاد من باب أولى.

تاسعاً: أنه لو كان اتحاد الله وحلوله في البشر ممكناً -تعالى الله عما يقولون- لما اختص عيسى -عليه السلام- بذلك دون سائر الأنبياء والناس، بل كما جاز أن يتحد به

<<  <   >  >>