للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتلبيس عليهم، وأن هذه الأحوال لا تظهر عند أهل الإيمان؛ لأن معهم من نور الإسلام والإيمان ما يوجب انصراف الشياطين، عن فعل ذلك بحضورهم.

وبين له شيخ الإسلام أنه كلما كان المرء أبعد عن الشرع، كلما كان تسلط الشيطان عليه أعظم، وتلبيسه عليه أكبر. وأشار شيخ الإسلام بذلك إلى أن الشياطين قد تلبس على هؤلاء الرفاعية وأمثالهم، ممن ابتعد عن هدي الكتاب والسنة، وإن كان تلبيسها على الكفار من التتر وغيرهم أعظم وأكبر، ولكن الشياطين تعجز عن إظهار هذه الأمور أمام أهل الإيمان الخلص، المتبعين للكتاب والسنة؛ لما معهم من نور الإيمان والسنة؛ ولذلك فقد عجز هؤلاء الرفاعية عن معارضة شيخ الإسلام وإظهار خوارقهم أمامه، قال شيخ الإسلام رحمه الله: «ولهذا من تكون أخباره عن شياطين تخبره، لا يكاشف أهل الإيمان والتوحيد، وأهل القلوب المنورة بنور الله، بل يهرب منهم، ويعترف أنه لا يكاشف هؤلاء وأمثالهم، وتعترف الجن والإنس الذين خوارقهم بمعاونة الجن لهم، أنهم لا يمكنهم أن يظهروا هذه الخوارق بحضرة أهل الإيمان والقرآن، ويقولون: أحوالنا لا تظهر قدام الشرع والكتاب والسنة، وإنما تظهر عند الكفار والفجار؛ وهذا لأن أولئك أولياء الشياطين، ولهم شياطين يعاونون شياطين المخدومين، ويتفقون على ما يفعلونه من الخوارق الشيطانية؛ كدخول النار» (١).

وقال رحمه الله: «الشياطين يخافون الرجل الصالح أعظم مما يخافه فجار الإنس، فهؤلاء الشياطين إذا كانوا مع جنسهم، الذين لا يهابونهم، فعلوا هذه الأمور. وأما إذا كانوا عند أهل إيمان وتوحيد، وفي بيوت الله التي يذكر فيها اسمه، لم يجترئوا على ذلك، بل يخافون الرجل الصالح أعظم مما يخافه فجار الإنس. ولهذا لا يمكنهم عمل سماع المكاء والتصدية في المساجد المعمورة بذكر الله، ولا بين أهل الإيمان والشريعة المتبعين للرسول. إنما يمكنهم ذلك في الأماكن التي يأتيها الشياطين؛ كالمساجد المهجورة، والمشاهد، والمقابر،


(١) النبوات (١/ ١٠٢٣ - ١٠٢٤).

<<  <   >  >>