القاعدة السادسة والأربعون: ما أمر الله به في كتابه، إما أن يوجه إلى من لم يدخل فيه فهذا أمر له بالدخول فيه، وإما أن يوجه لمن دخل فيه فهذا أمر به ليصحح ما وجد منه، ويسعى في تكميل ما لم يوجد فيه.
وهذه القاعدة مطردة في جميع الأوامر القرآنية: أصولها وفروعها.
فقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا}[النساء: من الآية٤٧] ، من القسم الأول.
وقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا}[البقرة: من الآية١٠٤] ، من الثاني والثالث، فإنه أمرهم بما يصحح ويكمل إيمانهم من الأعمال الظاهرة والباطنة، وكمال الإخلاص فيها، ونهاهم عما يفسدها وينقصها.
وكذلك أمره للمؤمنين أن يقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، ويصوموا رمضان أمر بتكميل ذلك، والقيام بكل شرط ومكمل لذلك العمل، والنهي عن كل مفسد وناقص لذلك العمل.
وكذلك أمره لهم بالتوكل والإنابة ونحوها من أعمال القلوب هو أمر بتحقيق ذلك، وإيجاد ما لم يوجد منه.
وبهذه القاعدة نفهم جواب الإيراد الذي يورد على طلب المؤمنين من ربهم الهداية إلى الصراط المستقيم، مع أن الله قد هداهم للإسلام!!.
جوابه: ما تضمنته هذه القاعدة.
ولا يقال: هذا تحصيل للحاصل، فافهم هذا الأصل الجليل النافع، الذي يفتح لك من أبواب العلم كنوزاً، وهو في غاية اليسر والوضوح لمن تفطن.