القاعدة التاسعة والأربعون: إذا منع الله عباده المؤمنين شيئاً تتعلق به إرادتهم، فتح لهم باباً أنفع لهم منه وأسهل وأولى
وهذا من لطفه، قال تعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ}(١)[النساء: من الآية٣٢] ، فنهاهم عن تمني ما ليس بنافع، وفتح لهم أبواب الفضل والإحسان، وأمرهم أن يسألوه بلسان الحال.
ولما سأل موسى عليه السلام ربَّه الرؤية حين سمع كلامه، ومنعه منها، وبلسان المقال سلّاه بما أعطاه من الخير العظيم، فقال:{قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}[لأعراف: ١٤٤] ، وقوله تعالى:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}[البقرة: من الآية١٠٦] ، وقوله تعالى:{وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ}[النساء: من الآية١٣٠] ، وفي هذا المعنى آيات كثيرة.
(١) يقول الشيخ ابن عثيمين: " وهذا يعرف الإنسان به فضل ربه عز وجل وإحسانه إلى خلقه أنه إذا منعهم من شيء فتح لهم أبوابا خيرا منه، فقوله تعالى: " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض " يعني من العلم والمال والجاه والرئاسة وغير ذلك، الله سبحانه وتعالى فضل الناس بعضهم على بعض، فلا تتمنى أن يكون ما أعطاه الله أخاك لك دون أخيك، ولهذا قال: " ولا تتمنوا ما فضل الله " ولم يقل: ولا تتمنوا مثل ما فضل الله، لأن الإنسان يجوز أن يتمنى مثل ما فضل الله به بعض عباده. "