وقال في قصة آدم:{وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} ، [طه: ١١٥] ، ثم أتى بعد ذلك بالقصة. وأما التنقل في التقرير الأشياء من أمر إلى ما هو أولى منه، فكثير.
منه: قوله تعالى في الإنكار على من جعل مع الله إلهاً آخر، وإبطال زعمه الكاذب الذي هو أساس الوثنية: أن هؤلاء الأولياء والآلهةأبناء الله؛ لأنهم النور الذي انبثق منه تجسدوا بشراً ثم عادوا إلى النورانية، فيقول:{مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ} ، [الكهف: ٥] ، فأبان أن قولهم هذا بلا علم ومن المعلوم: أنه كل قول بلا علم من الطرق الباطلة. ثم صرح بقبحه قولُه:{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} ، [الكهف: ٥] ، ثم ذكر له مرتبة من البطلان أسفل:{إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً} ، [الكهف: ٥] ، وقال في حق المنكرين للعبث:{بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ} ، [النمل: ٦٦] ، أيْ علمهم فيها علم ضعيف سافل إلى أحط الدركات، لا يعتمد عليه إلا سفيه ثم انتقل إلى ما هو ابلغ منه، فقال:{بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ} ، [النمل: ٦٦] ، والعمى آخر مراتب الحيرة والضلال.
وقال عن نوح في تقرير رسالته وإبطال قول من كذبه، وزعم أنه في ضلال مبين:{قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ} ، [الأعراف: ٦١] ، ثم لما نفى الضلالة من كل وجه أثبت الهدى الكامل له، فقال:{لَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ العَالَمِينَ} ، [الأعراف: ٦١] ، ثم انتقل إلى ما هو أعلى منه، وأن مادة هذا الهدى الذي جئت به من الوحي الذي هو أصل الهدى ومنبعه، فقال:{أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} ، [الأعراف: ٦١] ، وكذلك هود عليه الصلاة والسلام،