كمال علوه وكبريائه، يتعين أنه هو الحق وما سواه هو الباطل.
وختم الآية الخامسة: باللطيف الخبير، الدالين على سعة علمه ودقيق خبرته بالبواطن. كالظواهر، وبما تحتوى عليه الأرض من أصناف البذور وألوان النباتات، وأنه لطف بعباده حيث أخرج لهم أصناف الأرزاق، بما أنزله من الماء النَّمير، والخير الغزير.
وختم الآية السادسة: بالغني الحميد، بعد ما ذكر ملكه للسماوات والأرض، وما فيهما من المخلوقات، وأنه لم يخلقها لحاجة منه لها، فإنه غني مطلق، ولا ليتكمَّل بها. فإنه الحميد الكامل، وليدلهم على أنهم كلهم فقراء إليه من جميع الوجوه، وأنه حميد في أقداره، حميد في شرعه، حميد في جزائه، فله الحمد المطلق ذاتا وصفات وأفعالاً.
وختم الآية السابعة: بالرؤوف الرحيم، أي: من رأفته ورحمته تسخيره المخلوقات لبني آدم وحفظ السماوات والأرض وإبقاؤها لئلا تزول، فتختل مصالحهم. ومن رحمته سخر لهم البحار لتجري فيها الفلك في منافعهم ومصالحهم، فرحمهم حيث خلق لهم المسكن، وأودع لهم فيه كل ما يحتاجونه، وحفظه عليهم وأبقاه.
ولما ذكر في سورة الشعراء قصص الأنبياء مع أممهم، ختم كل قصة بقوله:{وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[آل عمران: ٦٨] فإن كل قصة تضمنت نجاة النبي وأتباعه، وذلك برحمة الله ولطفه، وتضمنت إهلاك المكذبين له، وذلك من آثار عزته.
وقد يتعلق مقتضى الاسمين بكل من الحالتين، فإنه نجى الرسول وأتباعه بكمال قوته وعزته ورحمته، وأهلك المكذبين بعزته وحكمته. ويكون ذكر الرحمة دالاً على عِظم جرمهم، وأنه طالما فتح لهم أبواب رحمته بآياته ونعمه ورسله فأغلقوها دونهم بتمردهم على الله وكفرهم وشركهم فلم يكن لهم طريق إليها، ولولا ذلك لما حل بهم هذا العقاب الصارم.