ونظير هذا المعنى الجليل: أن الله أخبر في عدة آيات أن الخلق كلهم عباده وعبيده: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً}[مريم:٩٣] فكلهم مماليكه، وليس لهم من الملك والأمر شيء. ويخبر في بعض الآيات أن عباده بعض خلقه كقوله:{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً}[الفرقان: ٦٣] ثم ذكر صفاتهم الجليلة. وكقوله:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}[الزمر: ٣٦] وفي قراءة {عبدِهِ} وقوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}[الإسراء: ١] وقوله
{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} . [البقرة: ٢٣] فالمراد بهذا النوع من قاموا بعبودية الله، وأخلصوا له الدين على اختلاف طبقاتهم.
فالعبودية الأولى: يدخل فيها البر والفاجر.
والعبودية الثانية: صفة الأبرار. ولكنَّ الفرق بين الربوبية والعبودية: أن الربوبية وصف الرب وفعله، والعبودية وصف العبيد وفعلهم.