منها: أنه نهى الأموال عن التعرض للمؤمن وإلهائه عن ذكر الله فكأنه قال: أيها الأموال لا تُلْهي المؤمن عن ذِكْري. فكأن الله يريد حماية المؤمن وذلك بنهي السبب عن أن يتعرض له فيكفّ عن التعرض.
وفي هذا النهي مبالغة إذ المراد نهي المؤمن ولكنه بدأ بأصلِ المسألة وهي الأموالُ والأولاد فنهاها هي عن التعرض للمؤمن بما يلهيه. فقد جعل الله المؤمن كأنه مطلوب من قبل الأموال والأولاد تسعى لإلهائه وفتنته فنهاها عن السعي لهذا الأمر لينقطع سبب الالتهاء ويقمعه.
ومنها: أن فيه إهابة للمؤمن ألا يقع في شَرَكِ الأموال والأولاد بحيث تلهيه وهو غافل مسلوب الإرادة، فنسب الإلهاء إليها ليأخذ المؤمنُ حَذَره منها، فكأن الأموال والأولاد ينصبون الشَّرَك ليلهوه عن ذكر الله، فعليه أن يحذر من أن يقع فيه كما تقول:(لا يخدعْك فلان) فإن فيه إهابةٌ لأخذِ الحذر منه.
هذا إضافة إلى ما فيه من التعبير المجازي اللطيف، وهو إسناد الإلهاء إلى الأموال فجعلها عاقلة مريدة تنصب الشرَك لوقوع المؤمن في الفخ.
جاء في (روح المعاني) : "والمراد بنهي الأموال وما بعدها نهي المخاطبين، وإنما وجه إليها للمبالغة لأنها لقوةِ تَسَبُّبها للهو وشدة مدخليتها فيه، جُعلت كأنها لاهية وقد نُهيت عن اللهو، فالأصل لا تلهوا بأموالكم.. إلخ. فالتجوُّزُ في الإسناد. وقيل: إنه تَجُوُّزٌ بالسبب عن المسبب كقوله: {فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ}[الأعراف: ٢] أي: لا تكونوا بحيث تلهيكم أموالكم.. ".
وجاء في (تفسير البيضاوي) : "توجيه النهي إليها للمبالغة".