جاء في (البحر المحيط) : "وقرأ جمهور السبعة (وأكن) مجزوماً. قال الزمخشري:(وأكن) مجزوماً على محل (فأصدق) كأنه قيل: إن أخرتني أصدق وأكن. وقال ابن عطية: عطفاً على الموضع لأن التقدير إن تؤخرني أصّدّق وأكن".
ففي الآية الكريمة جاء بالمعطوف عليه على إرادة معنى السبب وجاء بالمعطوف على معنى الشرط فجمع بين معنيي السبب والشرط. فالعطف إذن ليس على إرادة معنى الفاء بل على إرادة معنى جديد.
جاء في (معاني النحو) : "عطف (أكن) المجزوم على (أصدّق) المنصوب، وهو عطف على المعنى وذلك أن المعطوف عليه يراد به السبب والمعطوف لا يراد به السبب، فإنَّ (أصدّق) منصوب بعد فاء السبب وأما المعطوف فليس على تقدير الفاء ولو أراد السبب لنصب، ولكنه جزم لأنه جواب الطلب نظير قولنا:(هل تدلني على بيتك أزرك؟) كأنه قال: إن تدلّني على بيتك أزرك. فجمع بين معنيي التعليل والشرط، ومثل ذلك أن أقول لك:(احترم أخاك يحترمْك) و (احترم أخاك فيحترمَك) فالأول جواب الطلب والثاني سبب وتعليل. وتقول في الجمع بين معنيين (أكرمْ صاحبك فيكرمَك ويعرفْ لك فضلك) وهو عطف على المعنى".
وقد تقول: ولماذا لم يُسَوِّ بينهما، فيجعلهما نسقاً واحداً؟
والجواب أنهما ليسا بمرتبة واحدة في الأهمية، فالصلاح أهم من الصدقة ذلك أن الذي ينجي من العذاب، هو كونه من الصالحين لا كونه متصدقاً فإن المؤمن قد لا يتصدق بصدقة أصلاً ومع ذلك يدخل الجنة بصلاحه فقد يكون ليس معه ما يتصدق به. فالذي ينجيه من العذاب،