الأول: مراعاة لجانب العجلة التي طُبعت به السورةُ، وتكررت مظاهره في أكثر من موطن، فحذف نون (يكن) للفراغ من الفعل بسرعة وهو الملائم لجو العجلة في السورة.
الثاني: أن الإنسان لا يكون إنساناً من المنيّ وحده حتى يُراقَ في الرحم، ويلتقي بالبويضة. فبالمنيّ والبويضة يكتمل الخَلْقُ وبهما يتم الإنسان، أما المنيّ وحده، فلا يكون منه إنسان وكذلك البويضة وحدها. فنقَصَ من فعل الكون إشارة إلى أن التطوير المذكور في الآيات هذه لا يكون إلا بهما معاً، أما المني فهو جزء من السبب. ولم يُتِمَّ الفعل إشارة إلى ذلك.
ومعنى (يُمنَى) : يراق في الرحم، فإن لم يُمنَ فلا تكوين. وهذا من مواطن الحذف البديعة.
الملاحظ أنه لم يذكر فاعل الخلق ولا التسوية ولا الجعل، ولم يُجرِ له ذِكْراً، فقد قال:{ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فسوى * فَجَعَلَ} وقد كان بنى الفعل قبلها للمجهول، فلم يذكر فاعله أيضاً، وهو قوله:{أَيَحْسَبُ الإنسان أَن يُتْرَكَ سُدًى} فلم يذكر فاعل التَّرك، وعَدَمُ ذِكْرِ فاعلِ الخَلْقِ وما بعده مناسبٌ لحذف فاعل التَّرك. وكل ذلك مناسب لجو العجلة في السورة.