وأما غرور المحقة، فمن حيث أنهم ظنوا بالجدال أنه أهم الأمور وأفضل القربات فى دين الله تعالى.. وزعمت أنه لا يتم لأحد دينه ما لم يتفحص ويبحث.. وإن من صدق الله تعالى من غير بحث وتحرير دليل فليس ذلك بمؤمن وليس بكامل ولا بمقرب عند الله، ولم يلتفتوا إلى القرن الأول.. وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم شهد لهم بأنهم خير الخلق ولم يطلب منهم الدليل وروى أبو أمامة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم. أنه قال:(ما ضل قوم قط بعد هدى كانوا عليه. إلا أوتوا الجدل) .
[الفرقة السابعة]
اشتغلوا بالوعظ.. وأعلاهم نية من يتكلم فى أخلاق النفس وصفات القلب.. من الخوف والرجاء.. والصبر والشكر والتوكل.. والزهد واليقين والإخلاص والصدق وهم مغرورون لأنهم يظنون بأنفسهم إذا تكلموا بهذه الصفات.. ودعوا الخلق إليها فقد اتصفوا بها.. وهم منفكون عنها إلا عن قدر يسير لا ينفك عنه عوام المسلمين.. وغرورهم أساس الغرور لأنهم يعجبون بأنفسهم غاية الإعجاب..
ويظنون أنهم ما تبحروا فى علم المحبة إلا وهم من الناجين عند الله تعالى وأنهم مغفور لهم بحفظهم لكلام الزهاد مع خلودهم من العمل وهؤلاء أشد غرورا ممن كان قبلهم لأنهم يظنون أنهم يحببون فى الله