يستظهر بخشيته.. لينال بذلك عنده منزلة.. فيقوم بحاجته.. وكل ذلك مفسد للنية.. ومحبط للعمل.. وصاحبه مغرور.. يظن أنه مطيع لله تعالى.. وهو فاجر.. إذا يطلب بعبادة الله تعالى عوضا من غيره.. فهذا وغيره وأمثاله مغرورون بالأموال..
[الفرقة السادسة]
وفرقة أخرى من عوام الخلق وأرباب والأموال والفقراء.. اغتروا بحضور مجالس الذكر.. واعتقدوا أن ذلك يغنيهم ويكفيهم.. فاتخذوا ذلك عادة ويظنون أن لهم على مجرد سماع الوعظ دون العمل.. ودون الاتعاظ أجرا.. وهم مغرورن لأن فضل مجالس الذكر لكونها رغبة فى الخير.. وإذا لم تهج الرغبة فلا خير فيها.. والرغبة محمودة.. لأنها تبعث على العمل.. وإن لم تبعث على العمل فلا خير فيها.. وربما يغتر بما يسمعه من الوعظ.. وإنما يداخله رقه كرقة النساء فيبكى!.. وربما يسمع كلاما مخوفا فلا يزال يصفر بين يديه ويقول: يا سلام سلم!.. ونعوذ بالله!.. والحمد لله.. وحسبى الله ولا حول ولا قوة إلا بالله!.. ويظن أنه قد أتى بالخير كله.. وهو مغرور.. ومثاله مثال المريض.. الذى يحضر إلى مجالس الأطباء.. ويسمع ما يصفونه من الأدوية ولا يعقلها.. ولا يشتغل بها ويظن أنه يجد الراحة بذلك. والجائع الذى يحضر عنده من يصف له الأطعمة اللذيذة..
فكل وعظ لا يغير منك صفة تغير بدونها أفعالك.. حتى تقبل على الله وتعرض عن الدنيا.. وتقبل إقبالاً قويا.. وإن لم تفعل فذلك الوعظ زيادة حجة عليك.. فإذا رأيته وسيلة لك كنت مغرورا.