٢٤٧٢ - أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الطُّوسِيُّ، قَالَ: نا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ مَوْلَى هَاشِمٍ قَالَ: بَلَغَ عَائِشَةَ أَنَّ أُنَاسًا يَتَنَاوَلُونَ أَبَا بَكْرٍ، فَبَعَثَتْ إِلَى أَزْفَلَةٍ مِنْهُمْ، فَلَمَّا حَضَرُوا سَدَلَتْ أَسْتَارَهَا، ثُمَّ دَنَتْ، فَحَمِدَتِ اللَّهَ وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ، وَصَلَّتْ عَلَى نَبِيِّهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَذَلَتْ وَقَرَعَتْ، وَقَالَتْ: أَبِي وَمَا أَبِيهِ أَبِي، وَاللَّهِ لَا ⦗١٣٨٢⦘ تَعْطُوهُ الْأَيْدِي ذَاكَ طَوْدٌ مُنِيفٌ، وَفَرْعٌ مَدِيدٌ , هَيْهَاتَ كَذَبَتِ الظُّنُونُ، أَنْجَحَ إِذْ كَذَبْتُمْ، وَسَبَقَ إِذْ وَنَيْتُمْ سَبْقَ الْجَوَادِ إِذَا اسْتَوْلَى عَلَى الْأَمَدِ، فَتَى قُرَيْشٍ نَاشِئًا، وَكَهْفُهَا كَهْلًا، يَفُكُّ عَانِيَهَا، وَيَرِيشُ مُمَلَّقَهَا، وَيَرْأَبُ شَعِثَهَا، حَتَّى حَلَّتْهُ قُلُوبَهَا، ثُمَّ اسْتَشْرَى فِي دِينِهِ، فَمَا بَرِحَتْ شَكِيمَتُهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ حَتَّى اتَّخَذَ بِفِنَائِهِ مَسْجِدًا، يُحْيِي فِيهِ مَا أَمَاتَهُ الْمُبْطِلُونَ؛ فَكَانَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ غَزِيرَ الدَّمْعَةِ، وَقِيدَ الْجَوَارِحِ، شَجِيَّ النَّشِيجِ، فَانْقَصَفَتْ إِلَيْهِ نِسْوَانُ مَكَّةَ وَوِلْدَانُهَا يَسْخَرُونَ مِنْهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ، {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة: ١٥] ، فَأَكْبَرَتْ ذَلِكَ رِجَالَاتُ قُرَيْشٍ، فَحَنَتْ لَهُ قِسِيَّهَا، وَفَوَّقَتْ لَهُ سِهَامَهَا، وَامْتَثَلُوهُ غَرَضًا، فَمَا فَلُّوا لَهُ سَيْفًا، وَلَا وَصَفُوا لَهُ قَنَاةً، وَمَرَّ عَلَى سِيسَبَائِهِ، حَتَّى إِذَا ضَرَبَ الدِّينُ بِجِرَانِهِ، وَأَلْقَى بَرَكَتَهُ، وَأُرْسِيَتْ أَوْتَادُهُ، وَدَخَلَ النَّاسُ فِيهِ أَفْوَاجًا، وَمِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ أَشْتَاتًا وَأَرْسَالًا، اخْتَارَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ مَا عِنْدَهُ، فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَبَ الشَّيْطَانُ رِوَاقَهُ، وَمَدَّ طُنُبَهُ، وَنَصَبَ حَبَائِلَهُ، وَأَجْلَبَ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ، فَظَنَّ رِجَالٌ أَنْ قَدْ تَحَقَّقَتْ أَطْمَاعُهُمْ، وَلَاتَ حِينَ يَرْجُونَ , وَأَنَّى وَالصِّدِّيقُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَقَامَ حَاسِرًا مُشَمِّرًا، فَجَمَعَ حَاشِيَتَهُ، فَرَدَّ بَشِيرَ الْإِسْلَامِ عَلَى غُرْبَةٍ، وَلَمَّ شَعَثَهُ بِطَيِّهِ , وَأَقَامَ أَوْدَهُ بِثِقَافِهِ، فَابْدَعَرَ النِّفَاقَ بِوَطْأَتِهِ، وَانْتَاشَ الدِّينَ فَنَعَشَهُ، فَلَمَّا رَاحَ الْحَقُّ عَلَى أَهْلِهِ، وَأَقَرَّ الرُّؤُوسَ عَلَى كَوَاهِلِهَا، وَحَقَنَ الدِّمَاءَ فِي أُهْبِهَا، أَتَتْهُ مَنِيَّتُهُ، فَسَدَّ ثُلْمَتَهُ بِنَظِيرِهِ فِي الرَّحْمَةِ، وَشَقِيقِهِ فِي السِّيرَةِ وَالْمَعْدَلَةِ، ذَاكَ ابْنُ الْخَطَّابِ، لِلَّهِ أُمٌّ حَمَلَتْ بِهِ وَدَرَّتْ عَلَيْهِ، لَقَدْ أَوْحَدَتْ بِهِ، فَفَتَحَ الْكَفَرَةَ وَذَيَّحَهَا، وَشَرَّدَ الشِّرْكَ شَذَرَ مَذَرَ، وَبَعَجَ الْأَرْضَ وَبَخَعَهَا، فَقَاءَتْ أُكُلَهَا، وَلَفِظَتْ خَبِيثَهَا تَرْأَمُهُ، وَيَصْدِفُ عَنْهَا، وَتَصَّدَّى لَهُ وَيَأْبَاهَا، ثُمَّ وَزَّعَ فِيهَا فَيْئَهَا، وَوَدَّعَهَا كَمَا صَحِبَهَا، فَأَرُونِي مَاذَا يَرِثُونَ؟ وَأَيَّ يَوْمَيْ أَبِي تَنْقِمُونَ: يَوْمَ مَقَامِهِ إِذْ عَدَلَ فِيكُمْ، أَوْ يَوْمَ ظَعْنِهِ ⦗١٣٨٣⦘ وَقَدْ نَظَرَ لَكُمْ؟ وَأَسْتَغْفِرُ لِي وَلَكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute