أما العركيون، فهم يدخلون في التقسيم الحالي في مجموعة جهينة، وهم جماعات يسكنون قرى الجزيرة بين النيلين الأبيض والأزرق، ومنهم فئات ما زالوا بغرب السودان؛ وأقدم من عرف منهم في تاريخ السودان، كانوا في أوائل القرن العاشر الهجري " السادس عشر الميلادي "، وأول من حمل لواء الزعامة الروحية في السودان منهم ثلاثة: أحدهم الشيخ دفع الله بن مقبل بن نافع العركي " عاش حوالي ١٥٥٠م " وهو جد جماعة أبي حراز بالجزيرة، يقول عنه ودضيف الله مؤلف كتاب الطبقات " ونسبه مشهور بالعركي نسبة عرك قبيلة معروفة "، ولأولاده الخمسة، حمد النيل، عبد الله، محمد، أبي بكر، المجذوب، شأن في نشر الثقافة الإسلامية في السودان، وفي منطقة الجزيرة بنوع خاص. أما الثاني فهو الشيخ محمود بن محمد العركي " عاش حوالي ١٥٢٠م " ولد بالنيل الأبيض، وسافر إلى مصر، وتلقى العلم بالأزهر الشريف على الشيخين الناصر اللقاني، وشمس الدين اللقاني. والظاهر أنه أقام بمصر فترة طويلة، حتى عده بعض المؤرخين عالماً مصرياً، ثم أرسل سلطان الفونج في طلبه، ولما قدم بنى له قصراً يعرف الآن بقصير محمود بالقرب من النيل الأبيض، ووفد عليه ٤٠ ألف طالب، وانتشرت العلوم على يديه، وعلم الناس مسائل الفقه على مذهب مالك. أما الثالث فهو الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن نافع النويري العركي " عاش حوالي ١٥٧٠ "، وكان أحد أجداده من الأشراف الذين تصاهروا إلى العركيين، وقد أنشأ الشيخ " بلدة الفقراء " في الجزيرة بالسودان، وتوارث أحفاده تعليم الدين في هذه البلدة إلى اليوم.