الهوارة: تدفقت قبائل الهوارة على صعيد مصر الأعلى في نهاية مرحلة الأحلاف، ودخلت منهم موجات في السودان منذ ذلك الحين إلى عهد قريب. والهوارة الذين يعيشون الآن في شمال السودان هم بقايا هوارة مصر. والشواهد على ذلك ناطقة، ذكر بعضها ما كما يكل. ويروي هوارة السودان أنهم نزحوا من صعيد مصر، من منطقة إسنا. وهم في معظمهم بدو رحل، وقليل منهم يستقرون على ضفاف النيل في دنقلة. وفي فصل الأمطار ينتقل الهواوير الرحل بقطعانهم إلى الغرب، ويرعون مع الكبابيش من وادي الكلب إلى حدود دارفور، ثم يعودون إلى الشرق في فصل الجفاف. وهناك قسم آخر من الهوارة، يقيمون الآن بالقرب من الأبيض، في كردفان، حول خمى وأم دليكة وغيرهما. ويروون " أنهم بطن من قبيلة الهواوير، وأن أجدادهم عاشوا في صعيد مصر، وأنهم كانوا بيض الألوان، وأول من قدم منهم إلى الجنوب ونزل كردفان، رجل اسمه الحاج عيسى ود محمد ود منصور، كان تاجرا جوالا، من منفلوط، بالقرب من أسيوط، فرحل إلى كردفان، وتبعه آخرون من تجار هوارة، وتجمعت منهم طائفة ممن هاجروا من مصر، فسموا " جلابة هوارة " " ولقى الجيل الأول من هؤلاء بعد الحاج عيسى بعض المتاعب في كردفان، فعزموا على الرحيل إلى مصر بزعامة ابن الحاج عيسى واسمه " الحاج محمد أبو مِنانة ". وبعد أن قطعوا شوطاً في رحلتهم، استغرق يوماً كاملا، بلغوا قرية " دوم الخاتراب " بالقرب من " شريم " حيث لقيهم أهل المنطقة وأقنعوهم بالبقاء معهم، وولوا الشيخ محمد فقيهاً " بلغتهم: فكي " لقريتهم. وبعد وفاة الحاج محمد، رجع قومه إلى خُمى وبقوا فيها. وقد ظهرت بعض الفوارق في السحنة بين بدو الهوارة وجلابة الهوارة، على مر الزمن، فقد كان جلابة الهوارة أكثر امتزاجاً بالعناصر الزنجية من أقربائهم البدو.